تقبل الله
تقبل الله من تلك الجموع الغفيرة التي جاءت من كل فج عميق لتلتحق بسفينة النحاة، مصباح الهدى ليشهدوا منافع دنيوية وأخروية أولها حب الحسين وآخرها حب الحسين وما بينهما عشقاً حسيناً أصله ثابت وفرعه في السماء يؤتي أكله كل حين.
الحسين يجمعنا شعارا يعطي الكلمة حقها والموقف حقه حيث تجلت فيه كل معاني المفردات وبكل لغات العالم بمختلف الجنسيات والقوميات مع اختلاف الطباع والأجناس والديانات والمذاهب، فالحسين حباً عالمياً لا يقاس بمكان ولا بزمان ولا يعترف ببعد المسافات ولا بالموقع الجغرافي ولا بالظروف المناخية، الكل يتلاشى في سبيل عشق الملكوت الإلهي
فالمعشوق هو امتداد لذاك العشق الذي يتملك جميع الأفئدة من أحرار العالم التي أتت زاحفة من كل حدب وصوب على شكل امواج بشرية متلاطمة تموج في بحر التضحية والعطاء تتسابق خطاها نحو القبلة المنشودة قبلة العاشقين فالحسين الحرية الإنسانية والعدل والمساوة التي تلوذ به لأنها وجدت فيه باب النجاة من الظلم والجور، فهو النور الذي يستضاء به للخلاص من ظلمة الأيام، أليس هو نور المستوحشين في الظلم؟.
صور كثيرة ومشاهد قدمها زوار الأربعين من اجل تجديد العهد بالمعشوق فالأقدام المتورمة والدامية من المشي لمسافات طويلة مواصلة ليلها بنهارها تتسابق للوصول بلهفة لتلثم الأعتاب وتخر ساجدة لربها شكراً على نعمة الوصول إلى حظيرة القدس الإلهي، فمن زار الحسين عارفاً بحقه كمن زار الله في عرشه، شرف لا يضاهيه أي شرف، وسيلة التقرب إلى الله تلك الأكف المرفوعة إلى السماء تحت قبة سيد الشهداء لتستقي من فيض الإله عطاياه، فالدعاء تحت قبتة مستجاب، بتلك الدموع الجارية من اعين المحبين زوار الأربعينية والتي لا تقدر الملائكة على إحصاء ثوابها تجمعها في قوارير تدخرها للمؤمن الزائر في يوم اللقاء.
الأربعين مائدة الرحمن عقدت على أرض كربلاء استضافت أهل الكرم والجود والبدل اللامتناهي شاركت فيها جميع الطبقات والمستويات على مختلف الأصعدة جندت لها كل الإمكانيات البشرية والمادية تحت اشراف ورعاية وعناية صاحب الأمر وإمام العصر (عج) فالمواكب ممتدة على طول طريق المشاية تحت نظر الإمام (عج) الذي يمشي مع مشيهم يمسح التعب عنهم.
أدت تلك الجموع الزاحفة الزيارة قدمت واجب العزاء ومواساة الزهراء والنبي وحيدر، استقبلت
موكب السبي العائد من الشام شاطرت زينب في المصاب ردت الرأس للجسد. وانتهى يوم الأربعين بالشجن والأهات وبدمعة العين الذي خط طريق إلى كل أحرار العالم ليسلكوه ورسم خارطة الطريق للفرج القريب تحت راية
صاحب الأمر (عج).
فالسعي مشكور والذنب مغفور، بالحسين نحيا ونموت، احنا غير حسين ما عندنا وسيله.
فهنيئا لكم هذا التوفيق وجدد الله اسفاركم ولا جعله الله آخر العهد من زيارتكم للحسين.