ثقافة الاختلاف والأسئلة الخمسة
الاختلاف كثقافة ونهج وسلوك، مهما كان مصدره أو مستواه أو حدته، حالة متقدمة جداً من الرقي والوعي والمسؤولية عند المجتمعات والشعوب والأمم، خصوصاً تلك التي آمنت بحتمية وضرورة الاختلاف كثقافة حضارية وإنسانية تستحق أن تتأصل وتتجذر في فكر ومزاج وقناعة البشر.
إن الإيمان بثقافة الاختلاف، خطوة واسعة باتجاه ترسيخ وتثبيت هذه الثقافة الإيجابية التي نحتاجها في كل تفاصيل حياتنا الصغيرة والكبيرة، ولكن الأمر يتطلب أكثر من ذلك بكثير، وهنا سأحاول أن أطرح هذه الأسئلة الخمسة بصوتٍ عالٍ، لأنني أجدها أسئلة مهمة، بل وتُمثّل المداميك الإساسية لنجاح واستمرار ثقافة الاختلاف التي تُعدّ أحد أهم الركائز الكبرى للنهضة البشرية.
السؤال الأول: لماذا نختلف؟. نحن نختلف لأننا نمارس حقنا الطبيعي في إبداء الرأي أو القناعة أو التصور الذي نحمله، حتى وإن كان لا ينسجم أو يتناغم أو يتشابه مع الآخرين. نختلف لأننا نحمل بصمات وجينات وقناعات مختلفة ومتنوعة ومتعددة.
السؤال الثاني: كيف نختلف؟. حينما نؤمن بحقيقة الاختلافات والتمايزات بين مختلف البشر، وحينما نمنح الآخر حقه الطبيعي في التعبير عن آرائه وقناعاته، من دون أن نُمارس الشخصنة أو البذاءة، فإننا نعرف جيداً كيف نختلف.
السؤال الثالث: متى نختلف؟. وهنا لابد أن نختار الزمان والمكان والظرف من أجل أن نُمارس ثقافة الاختلاف بشكل يضمن نجاحها، فما نختلف حوله في حالة ما، قد يكون مقبولاً، ولكنه قد يكون كارثياً في حالة أخرى.
السؤال الرابع: مع من نختلف؟. للاختلاف، مهما كانت دوافعه وغاياته، نتائج ومآلات، لذا فمن الذكاء والحصافة ألا نُمارس هذه الظاهرة الحساسة إلا مع من يملك الوعي والفهم، ومع من يتحلى بالحكمة والتعقّل، ومع من يؤمن بالحوار والاختلاف.
السؤال الخامس: ما ضوابط الاختلاف؟. وحتى لا يكون الاختلاف، مجرد ممارسة فوضوية وغوغائية وساحة لممارسة الصراخ والصدام، لابد من وضع قواعد وآليات لهذا الاختلاف، يلتزم بها طرفا الاختلاف، وتكون بمثابة ضوابط وترمومترات تقيس درجة وموضوعية الاختلاف.