أسوأ سبعة قرّاء على الإطلاق
لم تعد الكتابة مجرد ممارسة توحدية أو مهمة نرجسية، وفي اتجاه واحد فقط، لكنها أصبحت علاقة ثنائية وتفاعلية بين طرفين: الكاتب والقارئ.
علاقة معقدة ذات صبغة اتصالية، يصنعها القلق والتساؤل، ويحكمها التفاعل والتأثر. نعم قد تكون مهمة الكاتب هي طرح الأسئلة وصياغة الأفكار، ولكن للقارئ أيضًا مهمة لا تقل عن ذلك، قد تكون الإجابة عن تلك الأسئلة أو تفكيك تلك الأفكار، بل قد تكون أكبر من ذلك بكثير.
يقول الروائي الأميركي بول أوستر: ”إن القارئ هو الذي يخلق الكتاب في آخر المطاف“. قد نختلف أو نتفق مع هذه الفكرة الجريئة، ولكن العلاقة التفاعلية والتشاركية بين الكاتب والقارئ هي ”عقد الإلهام الخفي“ الذي يصنع الدهشة والسحر.
وللقارئ كثير من الأشكال والمستويات، تتأرجح عادة بين الإيجابية والسلبية، وهنا سأرصد سبعة من الأشكال السيئة للقرّاء، التي تُمثّل الشريك السلبي الذي قد يُربك الكاتب بتفاعلاته المحبطة أو تداخلاته الساذجة:
الأول: وهو ”القارئ المترصد“ الذي لا يهتم بالمحتوى الذي ينتجه الكاتب، ولكنه ينشغل كثيرًا عادة بفكر وثقافة ومعتقد واسم وأصل الكاتب.
الثاني: وهو ”القارئ الأناني“ الذي يُريد من الكاتب أن يتناول الأفكار والموضوعات التي تتناسب مع عقله ومزاجه.
الثالث: وهو ”القارئ الرقيب“ الذي يحسب سكنات وحركات الكاتب، ويُنصّب نفسه محاسبًا دقيقًا وحكمًا قاسيًا ضد كل من يختلف معه من الكتاب.
الرابع: وهو ”القارئ الكرتون“ الذي يبحث عن الكتابات الساذجة والتافهة، ويُروّج لإنصاف الكتاب، ويُقدم لهم الدعم بالمجان.
الخامس: وهو ”القارئ الديكور“ الذي يتباهى بتلك الكتب التي تغص بها مكتبته الكبيرة، والتي لم يقرأ منها كتابًا واحدًا، فهي مجرد ديكور، تمامًا كأفكاره وقناعاته الديكورية التي لا تحمل عمقًا أو وعيًا.
السادس: وهو ”القارئ المتوجس“ الذي يرتاب ويخاف من الأفكار والرؤى الجديدة التي قد تُحطم ”تابوهاته“ ومتبنياته التي لا يقبل المساس بها، فضلًا عن تغييرها.
السابع: وهو ”القارئ المؤدلج“ الذي يُغيّب عقله وظنه ولا يبحث عن الحقيقة والموضوعية، بل همه الوحيد ورغبته الجامحة، هو خدمة الأيديولوجيا التي يؤمن بها.
الأشكال السيئة للقرّاء كثيرة، ولكنني اكتفيت بسبعة منها، وأعرف أنك - عزيزي القارئ - تملك قائمة طويلة تغص بكثير من تلك الأشكال السيئة للقرّاء. المقال اللاحق، سيرصد العكس: أروع سبعة قرّاء على الإطلاق.