القطيف من رحم هذا الوطن
الأزمات تصنع الثروات من البشر وتستنفر الطاقات وتبدع في ساحتها، شيء ليس بجديد على حياة البشر، ويحدث في مجالات مختلفة من الحياة الصحية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
حدوث الأزمات أمر طبيعي في الحياة وهي نوع من الصدمات الكونية التي قدّرها الله تعالى لتجديد وتبديل أحوال الناس من حال إلى حال حتى يستنهضوا من غفلتهم ويستجمعوا قوتهم ويعيدوا ترتيب أمور حياتهم ويراجعوا أعمالهم لتصبح الحياة مداولة بينهم.
دول تتعاقب وشعوبًا تتصارع وأفراد يبدل الله حال إلى حال قد نراها شر علينا ولا نعلم الحكمة منها؛ لكن في الحياة لا يوجد شرّ محض ولا خير محض، بل بين هذا وذاك فكما تمر على الناس حياة من النعيم والسعادة حتى يبلغوا الترف «مرحلة البذخ والإسراف والتبذير في النعم» إلا وتنقلب أمورهم للجانب الآخر من الضيق والحزن حتى يصلوا مرحلة القنوط أو اليأس نعوذ بالله من ذلك، وهي أحوال تتبدل بين الناس، ليدركوا أن الكون بيد الله العزيز الحكيم.
إذا في الأزمات ماذا يمكن لنا أن نكتشفه من فرص ونعظم بها الثروات؟، أو بمعنى آخر: كيف نستفيد من أزمتنا الحالية بسبب فايروس كورونا الذي بسببه تأزمت الأحوال وضاقت السبل، وأصبح الناس وبخاصة أصحاب الأعمال في حيرة من أمرهم.
والحال كما نرى دروس وعبر من هذا الظرف القاهر والجائحة الموجعة، توقف كثير من الأعمال أصابها الشلل وفقدت توازنها، وأصبح لزامًا عليها النظر في كيفية الخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر أو بأعظم الفرص والثراء.
أين نكتشف الفرص؟
فمند أن إنتشر هذا الفيروس في القطيف أستنفرت وزارة الصحة ووضعت كل أمكانيتها في سبيل إحتواء هذا الوباء من أول حالة قد ظهرت بوادرها فأشرعت في أتخاذ كافة الإجراءت الإحترازية من حجر وعزل القطيف حتى تكاتفت الجهود وأنتشرت التوعية بين أبناء المنطقة في كافة مواقع التواصل ألاجتماعي
في مواجهة خطر فيروس كورونا، كماأعدت وزارة الصحة العدة، ووضعت كافة إمكانياتها الصحية والخدمية في خدمة الطاقم الطبي في المستشفى.
وبعدها أصبح مستشفى القطيف خلية نحل بطاقمها الطبي وكودارها من أجل توفير العلاج أللازم للمصابين بهذا الوباء.
ففي كل أزمة هناك أشخاص أوفياء وجنود مجهولون يظهرون لنا في المواقف الصعبة، هناك ثقافة مجتمعية تجسد روح الجسد ألواحد في هذه المنطقة.
بالأمس كانت هناك مداخلة مطولة للدكتورة/ كوثر العمران إستشارية الأمراض المعدية بمستشفى القطيف تحدثت وبشكل مفصل وصريح عن الطرق الإحترازية للوقاية من كرونا المستجد.
أبرز ما قالته د. كوثر العمران.
المصاب بفيروس كورونا لديه قابلية أن ينقل الفيروس إلى 1000 شخص، سواء بشكل متعمد أو باستهتار.
90٪ من المصابين في المستشفى وضعهم جيد جدا، وهم تحت المراقبة.
80٪ من المصابين لم تظهر عليهم الأعراض، وبالتالي بعضهم في حالة غضب لحجرهم.
- البعض وصلت مدة حجره شهر
- لقد تخطينا موجتين من الإصابات
- تتبقّى الموجة الثالثة «الأسبوعين القادمين»، وعي الناس خلالها أن تجتازها بسلام، وقرار منع التجول لدعم هذه المهمة
- الغالبية الساحقة تتشافى ولله الحمد برعاية المملكة وقدرتها على السيطرة
- وزارة الصحة لديها خطط استباقية وقائية جاهزة لجميع السيناريوهات.
المصاب بفيروس كورونا لديه قابلية أن ينقل الفيروس إلى عدة شخص، سواء بشكل متعمد أو باستهتار.
وتنصح بمتابعة مواقع وزارة الصحة الوقائية كمصدر للمعلومة السليمة.
تكشف لنا د/ كوثر من خلال حديثها عن الفيروس انه سريع الانتشار من خلال ملامسةالاسطح.
كما تحدثت عن أهمية الإجراءت الإحترازية التي إتخدتها وزارة الصحة بعزل القطيف في بداية الامر ومحاصرة الوباء في مكان إنتشاره هو إحتراز وقائي جيد كي تتم السيطرة عليه وهذا سهل كثيرا مهمة الكوادر الطبية بمستشفى القطيف بوجود إستشاريين وأخصائين وطنينين أخذوا على عاتقهم تحمل المسؤولية التي منعتهم حتى من التواصل مع ذويهم لعدة أيام في سبيل المحافظة على التقليل من إنتشار الوباء في المنطقة مما ينذر بكارثه تؤدي بحياة مجتمع باسره.
وهناك الكثير من الحديث التي صرحت به الدكتورة / كوثر.
وفي ختام الحديث قالت:
يجب الالتزام بالنظافة الدائمة خلال الاسبوعين المقبلين ضروري جدا حتى ننجو وينجو الوطن.
إننا فعلا فخورين بهذه الطاقات والكوادر الطبية التي أفرزت هذه النخبة الطيبة والمخلصة لوطنها ومجتمعها في الحد من تفشي هذا ألوباء في باقي المحافظة.
إن د/كوثر العمران وباقي الطاقم الطبي في مستشفى القطيف كشفت لنا من خلال حديثها أننا في الخط الازرق حتى الأن بعد إتخاذ وزارة الصحة قرار الحجر على منطقة القطيف من بداية إنتشار الفيروس من الأشخاص الذين اكتشفت حالتهم بعد قدومهم من الدول المنتشر فيها الوباء وهذا مما أتى بنتائج إيجابية على أهالي المنطقة. ويبشر بأننا طالما في الخط الأزرق أننا والحمدالله قد تخطينا مراحل مهمة من إنتشار الفيروس وهو فخر وأعتزاز إن القطيف تمتلك مثل هذه الطاقات المخلصة للوطن والمجتمع.
التكافل الإجتماعي في الظروف الصعبة:
وفي هذه الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة، يحتمُ علينا الحس الوطني والإجتماعي والإنساني مساندة ومساعدة العائلات الأكثر حاجة الذين يعانون جراء الحظر الإحترازي التي تعيشه، والذين أغلقت مصادر أرزاقهم بعد إعلان الحجر لمنع إنتشار فيروس كورونا ”أن“ التكاتف والتكافل الإجتماعي بين أبناء المنطقة هو السبيل للمواجهة والانتصار على كلّ الأزمات والكوارث". وهذا ليس بغريب على أبنائها.
حيث قامت كافة جمعيات القطيف الخيرية بمادرات إنسانية إنطلاقا من قوله تعالى: «وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ۚ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا».
لتكافل الاجتماعي من ضرورة توفير المستلزمات الضرورية للعوائل المتعففة والفقيرة المتضررة جراء الظرف الراهن، تعلن هذه الجمعيات عن إطلاق حملات الإغاثة والدعم وتفتح من خلالها الباب أمام الراغبين بتقديم دعمهم والتبرع لتلك العوائل التي اضطرها فرض الحظر إلى المكوث في المنازل من دون مصدر مالي يؤمن لهم مستلزمات الحياة الضرورية.
إن همية تطور الوعي الاجتماعي، وظهور الفكر التطوعي التكافلي لدى شرائح المجتمع، عبر الجمعيات المختلفة، وهذا الأمر كان ملفتاً، ودل على نضج حقيقي، وهذه النتبجة متوقعة، وهي ثقافة الأزمات وليس بفريب على أبناء منطقة القطيف. والتي تبرهن للجميع في كل أزمة إنها تنجب لنا طاقات إبداعية وكفاءات تستتفر قوتها في مثل هذه الأزمات. دليل الوعي أن مستوى الوعي والسلوك، والثقافة لدى الشعوب والمجتمعات في مثل هذه الحالات هو من أهم عوامل النجاح أو الفشل في مواجهة الأزمة.
وفي الجهة الأخرى، هناك شعوب ومجتمعات مستوى الوعي والسلوك، والثقافة لديها عالٍ للغاية، وتلتزم بالقرارات التي تتخذها الحكومات كي لا ينتشر الفيروس، ويلزم أفرادها البيوت، ولا يخرجون منها إلا للضرورة، ويراعون الظروف الطارئة الاستثنائية التي يمر بها العالم، والقطيف اثبتت للجميع أنها منطقة من رحم هذا الوطن وأبنائها أوفياء للوطن في وقت الأزمات.
نسأل الله العلي القدير أن يحمي الوطن ويبعد عنا جميعاً الأمراض والأوبئة وأن يحمي البشرية من كل مكروه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.