مكوك الانطلاق للمستقبل
تحدثنا في المقال السابق عن خطة عاجلة سريعة الأثر للتخفيف من سلبيات الأزمة الحالية، وفي هذا المقال سنتحدث عن الخطة طويلة المدى لتفادي أو النجاة من أي أزمات قادمة لا قدر الله.
إصلاح التعليم يجب أن يكون أول أهدافنا فهو المركبة التي ستأخذنا إلى مصاف الدول المتقدمة وهو الحل الجذري للكثير من المشاكل الاقتصادية، الأخلاقية، الصحية، الاجتماعية والبيئية. سنحتاج لتعديل وتنقيح الكثير من مناهجنا الدراسية وإشباعها بجميع العلوم والفنون وحبذا لو ركزنا على العلوم البيئية، الاقتصادية الأخلاقية والحرفية وغرس حب الوطن والتلاحم في كل سطر وحرف منها ونبذ كل أنواع الطائفية. التطور والتقدم يحتاج منا كمجتمع لتقبل كل فرد في هذا المجتمع وإشراك جميع فئات المجتمع وتوجيههم الاتجاه الصحيح للاستفادة منهم في بناء هذا الوطن ودفعه للأمام، فكل مواطن طاقة وكل طاقة قوة ويد الله دائماً مع الجماعة وطاقة الجماعة.
يجب علينا تغيير الأساليب التعليمية القديمة والبدء باستخدام أسلوب التعليم باللعب، وهو إحدى الوسائل التعليمية والتربوية الحديثة القائمة على إستراتيجية استخدام اللعب وتأثيره على الطلاب لتنمية مهاراتهم العقلية والجسدية والوجدانية، وتحفيزهم على اكتساب العلم وتوسيع آفاقهم المعرفية بطريقة ممتعة ومسلية كي لا يصبح الذهاب للمدرس كابوسا يؤرقهم ويقض مضجعهم. استغلال اللعب في التعليم سواء كان نشاطاً عقلياً، جسدياً أو حتى إلكترونياً يساعد على تقريب المفاهيم، إدراك معاني الأشياء، إبراز المواهب الإبداعية، التغلب على بعض صعوبات التعلم وتعزيز الثقة في النفس، أيضاً تقوية العلاقة بين المدرس وطلابه وغرس حب واحترام العلم والمعلم في أجيالنا القادمة.
سنحتاج لمدارس مجهزة بأحدث التقنيات العلمية والفنية ولأنظمة وقوانين تدعم التعليم وإجراء الاختبارات عن بعد، حتى نضمن استمرار سير العملية التعليمية بسلاسة حتى وقت الأزمات، فمستقبل هذا الوطن يعتمد على عقول الأجيال القادمة وعلى ما نزرعه فيها الآن لنحصده مستقبلاً مشرقاً بإذن الله. أيضاً سنحتاج لجامعات في كل المحافظات يدرس فيها جميع أنواع العلوم والفنون والمعارف وتحتوي على أقسام خاصة تركز على علوم الوبائيات، الجرثوميات، الفيروسات وفن إدارة الأزمات. أيضاً أقسام للتركيز على تعلم الحرف بكل أنواعها وخلق كوادر وطنية حرفية متخصصة، وذلك لدعم الزراعة والصناعة وإنعاش الإنتاج المحلي والاعتماد عليه حتى نكون دولة منتجة ومصدرة بدلاً من مستهلكة ومستوردة. أحد توجهات المملكة الجديدة ومن أكبر أهداف رؤية 2030 هو تنوع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على البترول فقط. إذ تنوع الحرف ودعم الطاقات الوطنية والاستثمار المحلي مهما كان صغيراً وناشئاً يعتبر الوقود ومن أهم شروط تحقيق رؤية المملكة المستقبلية. لذلك يجب تقديم الدعم وتسهيل تقديم القروض والإجراءات الحكومية لأي مستثمر محلي ليكون التصنيع، الإنتاج والاستثمار المحلي ودعم الصناعات الوطنية ثقافة نعيشها ونرسخها في أجيالنا القادمة.
من المهم أيضاً مواصلة الحرب التي شنها خادم الحرمين الشريفين وولي عهده - حفظهما الله - على الفساد بشتى أنواعه، وخصوصاً في مجال التعليم والتوظيف حتى لا يكون هنالك قبول في الجامعات أو الشواغر الوظيفية على حسب الواسطة بدلا من جهود الفرد ومميزاته الشخصية. هذه الحرب هي ليست حرب ولاة الأمر فقط، إنما هي حرب جميع المواطنين ضد الفساد ولذلك أنشات الدولة الهيئة الملكية لمكافحة الفساد «نزاهة» ومكنت جميع المواطنين وشجعتهم لتقديم البلاغات والمعلومات عن أي شكل من أشكال الفساد الإداري والمالي ومحاربة الفاسدين مهما كان مستواهم الاجتماعي أو موقعهم الإداري وضمنت الحماية للمبلغين.