إدارة الأزمات ومؤشرات النجاح

تُعد المؤشرات، أحد الأدوات الضرورية لقياس خطوات التقدم تجاه تنفيذ الأهداف وتحقيق الرؤى التي تتبناها الدول والمنظمات، لأنها توفر المزيد من الرقابة والشفافية، وتُعزز التنافسية، مما يٌحفز التغيير والتطوير وبلوغ الأهداف.

وفي الآونة الأخيرة، وفي ظل الجائحة العالمية حول تفشي مرض كورونا في أصقاع الأرض، تصدرت المملكة بجهودها حول احتواء كورونا، ثلاثة مؤشرات عالمية، الأول منها هو تصدرها المركز الأول في مؤشر ثقة المستهلك العالمي لشهر مارس 2020، حسب الاعلان الصادر من وزارة التجارة السعودية، حيث تصدرت أكثر من 24 إقتصاد عالمي، وتفوقت في ذلك على الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والصين واليابان وإسبانيا والسويد وايطاليا وكوريا الجنوبية، وأزاحت الصين التي تصدرت على مدى 35 شهرآ مضى، حيث شهدت كبرى الدول إنخفاضاً في مؤشر الثقة بسبب جائحة كورونا، بينما نالت المملكة 65,1 نقطة تليها الصين 64,20 نقطة، وأمريكا 61,70 والهند 57,7، ويعكس هذا المؤشر إتجاه المستهلكين حول الوضع الحالي والمستقبلي للاقتصاد المحلي وحالة المستهلكين المادية والشخصية ومدخراتهم، ومدى ثقتهم في القيام باستثمارات كبرى.

والمؤشر الثاني، هو تصدر المملكة أيضا لمؤشر الأمن الصحي العالمي 2019، بين الدول العربية إذ أظهرت نتائج مؤشر الأمن الصحي العالمي «GHS» أن المملكة هي الأولى عربياً وال 47 عالميا ً من بين 195 دولة في قدرتها وجاهزيتها لمواجهة الأوبئة، ويقيم هذا المؤشر الذي اعتمده ”مركز جونز هوبكينز للأمن الصحي“ جاهزية الدول في مواجهة تفشي الأوبئة، واستجابة النظام الصحي المحلي لذلك، والامتثال للمعايير الدولية.

والمؤشر الثالث هو إعلان معالي وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة في مؤتمره الصحفي 30 مارس 2020، عن أن المملكة هي من ضمن العشر الأوائل من الدول في العالم في إجراء الفحوص التشخيصية للمرض بالنسبة لعدد السكان.

لاشك أن هذه الإنجازات لم تتولد من فراغ، بل أتت نتيجة عمل دؤوب مدروس، وما تم تحقيقه هو بفضل التميز العالي في الأداء الحكومي وفق أهداف ومبادرات رؤية 2030 الطموحة وبفضل العمل الدؤوب الذي تباشره قيادة حكيمة مسوؤلة أثبتت إدارة عالية وحنكة فائقة في إدارة الأزمات، ووجود مجتمعات محلية واعية ومشاركة تثق في حكومتها وفي الخدمات الصحية التي تقدمها ولمست وجود قدرات مختبرية ولوجستية فائقة ومرافق علاج مأمونة ووفيرة بالموارد البشرية والتجهيزات والمعدات اللازمة.

ولقد رأينا رأي العين كيف اجتاح فيروس كورونا المستجد بقاع العالم في فترة قصيرة وتسارعت الأحداث وازدادت الحالات المصابة وأعداد الوفيات على مستوى الكون، وألقت الأحداث بظلالها على العالم بلا استثناء وتعطلت الفعاليات والمؤتمرات والألعاب الرياضية والتعليم العام والجامعات والسفر بالطيارات والقطارات وغيرها، ومن الطبيعي أن تثير هذه الأحداث المتسارعة حالة من الفزع وعدم الثقة لدى الشعوب والبلدان، إلا أن مهارة وحنكة القيادة في الأزمات برزت جليآ، وأطل خادم الحرمين الشريفين داعيآً أبناء شعبه إلى الاطمئنان والتوكل على الله مؤكدآ بأن الدولة ستبذل الغالي والنفيس في تقديم الخدمات المتميزة للمواطن والمقيم، كل هذا ساهم في تعزيز مؤشرات الثقة بين الناس ودفعت بالمملكة إلى تصدر المؤشرات العالمية، وأدى ذلك الى تعزيز ثقافة التفاؤل مع عدم التهوين من الصعوبات والتحديات وصاحب ذلك شفافية في المعلومات عبر البيانات الحكومية اليومية.

إن حنكة القيادة ومتابعتها واهتمامها الأول والأخير بالإنسان، وتفهم المواطنين والمقيمين للإجراءات الاحترازية، والأداء العالي للقطاعات الصحية والأمنية والبلدية وغيرها، أدت وبلا شك إلى ارتفاع هذه المؤشرات، وذلك إنعكاسآ لموقعية المملكة وعمقها العربي والاسلامي ومكانتها الاقتصادية الرائدة، ومصداقا لرؤية المملكة 2030، وتحقيقا لأهدافها ومؤشراتها، ونجاح حوكمتها، ليضحى الوطن كما أرادته القيادة الرشيدة ذو حكومة فاعلة ومجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر وشعب معطاء.

الرئيس الفخري لجمعية القطيف الخيرية