عزاء بلا قصيدة
لجنة الصوتيات: سماعات- بطاريات – توصيلات – منظمون.
لجنة التغذية : ماء – فيمتو – تمر – حليب – فطاير – منظمون.
كوادر التنظيم : بطول المسيرة (أربعة أربعة، الله يخليك)
لجنة الإعلام: لوحات – مختارات للمعصومين – مختارات للعلماء- مجسمات تاريخية – نشرات عاشورائية – عصابات على الجبين - مسيرة.
كل هذا الجهد في بلدتنا (أم الحمام) مميز ومشرف ومطلوب في مواكب عزائنا.
لكن المنحدر الذي أمامنا في مواكبنا هو (أشباه وفتات القصائد) التي يرددها (الشيال-الرادود) خصوصا في يوم العاشر المنصرم.
مثال : ياحسين أنت سكر في هواك الكل يسكر
مثال : أنت والدم فرات أزلي وأنادي ياعلي ياعلي
أود أن أوجه لجان العزاء لاسيما الرواديد إلى عدة نقاط أجدها مهمة:
1- دور قصائد العزاء :
قصائد العزاء تعتبر رافد مهم يكسب المجتمع خصوصا الشباب، ألفاظ ومعاني الثورة الحسينية، المعبرة عن خطب الحسين وأهدافه، وهذا لايتم إلا عبر القصائد الرصينة الأصيلة ذات الألفاظ والمعاني الواضحة المتينة بحيث تجذب المتلقي (المعزين في المسيرة) وتجعله يستمع بعمق وتصل إلى أحاسيه، ومن ثم تُجري دموعه.
2- اختيار القصائد:
وهذا ما لا تجده في أشطار وأشباه بل فتات القصائد التي تنشد في مسيرات العزاء لاسيما في عاشر المحرم.
وهذا خطأ فادح يرتكب في حق جيل الشباب, الذي يحضر المسيرة بدون أدنى وعي لأهداف الثورة الحسينية, فقط وفقط الحماسة واللطم بقوة,وحتى هذه الحماسة واللطم تجد أنها تتعثر (تتخربط) بسبب إيقاع (اللحن- الطور) القصائد المتهرىء المتبهدل, بحيث لايعرف المعزي في المسيرة كيف ينظم طريقة اللطم, والسبب هو هذه الركاكة والهزال والضعف الذي يلمسه الكل في قصائد العزاء (المعزي – الشيال – مشتري الشريط – الشاعر)حتى ليشعر المعزي أحيانا في المسيرة أنه يتمشى ولا يسمع إلا زحف الأحذية على الشارع، لأن الرادود لا يجيد أحيانا إلا السكوت والتوقف الطويل عن ترديد أبياته، كل هذا بسبب الفراغ القاتل الواضح في قصيدة العزاء إن صح التعبير.
فلا فكرة مميزة ولا كلمات جيدة في القصيدة تعطي الرادود مجالا أو نفسا ً لـ(الطور – اللحن) لأداء جيد.
3- إطلاق نار متبادل:
سألت شاعراً مُجيداً: لماذا لاتكتبون قصائد رصينة محترمة لموكب العزاء؟
الشاعر: (الشباب – الرواديد ) هم يطلبون ذلك.
فذهبت سائلاً أحد الرواديد: لماذا تطلبون وتقيدون الشاعر في أشطار القصائد ؟
الرادود: كل الشباب والناس يريدون هذا الشكل من القصائد.
أقوال لأخواني الرواديد- زادهم الله توفيقا-:
1- قصائد العزاء هي أدب وثقافة وقادة للشباب يجب ألا ُيستهان في اختيارها,ومن ثم يحتاج الرادود إلى مواد أساسية ليتذوق النصوص الأدبية كتعلم النحو وبحور الشعر وسيرة المعصومين ولو بالإجمال .
2- موقع الرادود هو الملقي والمربي ولسان لأهل البيت , ولذا يجب عليه أن لا يخضع أو يروج للأذواق السقيمة من الشعر الركيك فالناس أذواقهم على دين رواديدهم.
3- إذا قيدنا الشاعر في أشطار أبيات فلن نجد في العزاء فكرة متألفة ولا ألفاظاً تجسد مصيبة الإمام الحسين وباقي المعصومين ، في النتيجة يخرج المعزي بلا أدب حقيقي وبلا ثقافة حسينية خلاقة، وإنما يخرج فقط وفقط بكأس حليب وحبة سترول.
البعض يسأل: لماذا لايأتي الرجال الكبار والشيوخ لمواكب العزاء؟
الجواب يكمن في الحالة الهزيلة التي تعانيها فصائد العزاء وبالتالي المواكب ومن ثم افتقادها لجوهر العزاء وهي الدمعة.
العماد الحقيقي لمواكب العزاء هي (قصيدة العزاء).
فلو أحضرت أفضل رادود بالإضافة إلى قصيدة ضعيفة فإنك لم تصنع شيئاً سوى التعب لك ولجمهورك ( المعزين ) بل كل ماعدا القصيدة والرادود هو ديكور وعامل ثانوي بالنسبة للموكب وإن كان مهماً(لافتات – صور- طول المسيرة – اسم الرادود) كلها إعلام إعلام إعلام .
*أنبه إلى أن عنصر الثواب مؤكد ومحرز والكلام ليس فيه.
- أحرم الحجاج عن لذاتهم بعض الشهور وأنا المحرم عن لذاته كل الدهور
- فداء لمثواك من مضجع * تنور بالأبلج الأروع
ثم يرددونها في مواكبنا ,هل ننتظر شهادة حسن سيرة وسلوك لهذه القصائد (اليتيمة)؟
أظن أن هذه الحالة (عدم الثقة بالنفس) تبررها الهوة العميقة بين الرادود وبين التراث والثقافة الأدبية الحسينية.
فللأسف كثير من الرواديد لا يقرأ ولا يتذوق القصائد الحسينية الخالدة في التراث الشيعي.
والاستمرار على هذه الحالة غير الصحية تجعله مع الزمن يفقد قيمته كرادود ليكون مستهلكا, بل مجرد جهاز صوت (المايكرفون).
أقدم الآن بعض الأمثلة من الشعراء الخالدين وقصائدهم الحسينية الراقية:
1- الشريف الرضي (رحمه الله):
كربلاء لا زلتي كرباً وبلاء ما لقي عندك آل المصطفى
2- السيد رضا الهندي (رحمه الله):
صلت على جسم الحسين سيوفهم فغدا لساجدة الضبا محرابا
3- الشيخ صالح الكواز (رحمه الله):
هل بعد موقفنا على يبرين أحيا بطرف بالدموع ضنين
4- السيد جعفر الحلي (رحمه الله):
أدرك تراتك أيها الموتور فلكم بكل يد دم مهدورُ
5- السيد عبد المطلب الحلي (رحمه الله):
بأبي الثابت في الحرب على قدم ما هزها الخوف براحا
6- السيد حيدر الحلي (رحمه الله):
إن لم أقف حيث جيش الموت فلا مشت بي في طرق العلا قدمُ
وهذه النماذج غيض من فيض وإلا فهي أكثر من عدد النجوم, والعامِيَ المبدع كثيرا أيضا, ومن شعراء المنطقة كذلك ولذا أقول: نقبوا نقبوا في الدواوين عن الجيد أيها الرواديد الكرام.
أتمنى لرواديدنا الأجلاء في بلادنا نهضة أكبر ومستوى أرقى في طريق خدمة أهل البيت .
فلدينا شعراء مميزون و رواديد واعدون أدعو لهم بدوام التوفيق والتطور ، وجعلهم الله وجهاء عنده بالحسين الشهيد .