هل يتغير المواطن السعودي بعد كورونا؟
وباء كورونا الخطير الذي يجتاح العالم بأسره، سيكون بلا أدنى شك أحد أسوأ الأوبئة في تاريخ البشرية، فقد حصد الآلاف من الأرواح والملايين من الإصابات والمليارات من الخسائر. هذه الجائحة البغيضة التي لن تُبارح الذاكرة البشرية على الإطلاق، ستُغيّر الكثير من أفكار وثقافات وسلوك العالم، شرقه وغربه، أوله وثالثه، وستُعيد صياغة وتشكيل وجه الواقع والمشهد الإنساني من جديد ليتناسب ويتناغم مع حجم وطبيعة الآثار والمستجدات التي طرأت على العالم بسبب هذه الجائحة الخطيرة.
في المقالات الثلاثة السابقة، رصدت الكثير من المتغيرات والتحولات التي آن لها أن تطال الأفكار والثقافات والعادات على الصعيد/ المستوى العالمي والوطني والمجتمعي. وهذا المقال، سيكون الجزء الرابع والأخير في سلسلة من أربعة مقالات، وهذه المرة سيُلامس المواطن السعودي الذي واجه أخطر وباء في تاريخه الحديث، وهنا يقفز السؤال/ العنوان أعلاه: هل يتغير المواطن السعودي بعد كورونا؟
كثيرة هي الأفكار والثقافات والرؤى والعادات والتقاليد والسلوكيات التي آن لها أن تتغير أو تُمحى من فكر ومزاج وقناعة المواطن السعودي - وكذلك المقيم - لتتناسب مع طبيعة ومقتضيات المرحلة الجديدة التي أفرزتها جائحة كورونا:
لقد بات من الضروري والصحي والاقتصادي أن يُغير المواطن السعودي الكثير من أفكاره وعاداته وسلوكياته، مثل الاهتمام الكبير بالنظافة الشخصية وفي مقدمتها غسل اليدين المستمر والمتكرر بالماء والصابون لتكون عادة ثابتة في كل زمان ومكان، واستخدام المعقمات الطبية التي آن لها أن تكون موجودة في كل زاوية من منازلنا ومدارسنا ومكاتبنا وأسواقنا، وترشيد الكثير من مظاهر الاحتفاء والترحيب كالمصافحة والقبل والأحضان والاستعاضة عنها بطرق وأساليب جديدة صحية وآمنة، وإجراء غربلة كاملة للكثير من طرق وعادات الأكل والشرب على موائدنا وفي حفلاتنا وزيجاتنا وملتقياتنا كملامسة الأكل باليد أو تقطيع اللحم للآخرين أو وضع الفناجين والأكواب في آنية واحدة، والتقليل من الطلب وارتياد المطاعم والعودة للأطباق المنزلية النظيفة والصحية والرخيصة، والتعود على ممارسة العديد من الاحتياجات الخاصة كالحلاقة والسباكة والكهرباء وغيرها، وإدراك قيمة الوقت في حياتنا وكيف يُستثمر ويُجدول بالشكل الذي يُتيح لنا الاستفادة القصوى منه ولعلّ أيام وليالي الحجر والحظر المنزلي علمتنا ودربتنا على ذلك، والعودة الجماعية للبيت باعتباره الملاذ الآمن والجميل وليس مجرد نزلاً للأكل والنوم، والتعود على الطابور والتباعد الاجتماعي والتسوق عن بعد والنوم المبكر ووضع خطة قريبة وبعيدة لحياتنا وغيرها من العادات والسلوكيات التي تستحق أن تكون ثقافة حياة.