أجمل بإبن الطين يرسم مَوتَهُ
أجمل بإبن الطين يرسم مَوتَهُ
وَيَخيطُ من نَسجِ الإرادة ثوبَهُ
ويلونُ الدنيا إبًى ومروئةً
لتميل مثقلةَ المطامحِ صوبَهُ
متذرعاً بالموتِ يلقف حتفَهُ
مستأنساً ملأ السَّكينةَ قلبَهُ
فيخُطُّ من نزفِ الدماء روايَةً
تحكي على ضَعفِ الإرادةِ حربَهُ
يا مُوغلاً في الموت ملئ حدودهِ
رعباً وما للخوف لين جنبَهُ
أرخت له السبعُ الشِدادُ عنانها
طوعاً وما للموتِ أرخى جذبَهُ
ساخت له الآفاقُ تُعلن طوعها
ليُذِيقَ مِن عطشِ الحشَاشَةِ عذبَهُ
ولِيُسمِعَ الدُنيا بِصوتٍ مُنهَكٍ
قد بحَّهُ وقعُ الحوادثِ خَطبَهُ
يا واقفاً أبداً هناك ولم يزل
يسقي بقُربِ النهر كوناً غيبَهُ
قد أشغل الدُنيا بثورتهِ التي
من ضرعها مانفك دهرٌ حلبَهُ
في عُصبةٍ بيض الوجوه كأنهم
نورٌ تعذر في الحوالِكِ حجبَهُ
سارت بهم نحو الطُفوف عزائمٌ
زُبُرُ الحديدِ بها تَكسَّرَ صُلبَهُ
فاحدودقوا حَولَ الحسين وكُلُّهُم
يرجوا المنية والسعادة قُربَهُ
فقضوا تُفَّرِّقُهُم مصارِعُهُم سِوَى
كلٌ قضى بين الأسنَّةِ نَحبَُه
فَرَقَى بِهِم نحو الجِنان ولم يَزَل
يرقى بمن أدمى التَّفَجُعُ قلبَهُ
يامُوسَعاً ضَرباً وطَعناً بالقَنا
قد أوسَعَ الأكوانَ قسراً حُبَهُ
ومُخَضَّباً لا بالمشيبِ وإِنَّما
بنجيعِ نَزفِ الدَّمِ خَضَّبَ شيبَهُ
ومُسلَّباً قد ألبَستهُ جِراحُهُ
مِن فرطِ نَزفِ الدَم طَرَّزَ ثوبَهُ
ضامٍ تَوسَّدَ بالصعيدِ ولَم يَزَل
مِن جَنَّةِ المعبودِ يُرسِلُ سُحبَهُ
لازال يَسلِبُنا القُلوبَ محبةً
وعلى امتدادِ الدهرِ يُكمِلُ سَلبَهُ