الزجاجة الفارغة
في بعض الأوقات تتغير محسوساتنا للأشياء تبعًا للظروف الطارئة أو الاستثنائية التي يمكن أن تكون طويلة الأجل نوعًا ما تأخذ من حياتنا حقبة زمنية لصقل الإنسان بداخلنا وهذا يجعل الزجاجة ممتلئة.
حتمًا سوف يأتي يوم ويزول الظرف الاستثنائي والطارئ تُدرك فيه أن الزجاجة الفارغة هو أفضل شعور في العالم، لأنك سوف تُدرك أن هناك بالزجاج ما هو أكثر بكثير من تلك الرواسب والشوائب التي كنت عالقاً بها.
فالصفاء والهواء النفي ووضوح الرؤية وتجلي الصور وانعكاسات الضوء من خلال بلورات الزجاجة من علامات النضج النفسي والعقلي فنجاح التجربة يعتمد على عامل التحفيز الذي يتمثل في قوة التحمل والصبر واجتياز الأزمة بجميع ظروفها والتخلص من العوالق حتى لا تُكون رواسب نفسية مع مرور الوقت، كذلك تغيير بوصلة التفكير من الاتجاه الأحادي إلى الاتجاه الثنائي ويكون عن طريق التفكير العكسي الذي يتيح فرصة تغيير اتجاه الهدف بدلا أن يكون في اتجاه واحد يكون في اتجاهين للحصول على نتائج جديدة ومتطورة وأفضل من النتائج في حالة التفكير العادي والتقليدي، لهذا في حالة امتلاء الزجاجة إلى المنتصف وهذا وارد في أغلب الظروف، فليس هناك امتلاء دائم ولا تفريغ دائم.
فإن استراتيجية التفكير العكسي تتيح التفكير في كلا الاتجاهين، اتجاه امتلاء الزجاجة من أسفل إلى المنتصف، والاتجاه الثاني تفريغ الزجاجة من أعلى إلى المنتصف.
حكمة رائعة للإمام علي لا تكن لينًا فتعصر ولا قاسيًا فتكسر ، التفكير في اتجاه واحد لا يوصل للهدف ويُربك عملية التغلب على الظروف الصعبة التي هي بمثابة الدوران في حلقة مغلقة، فالعصف الذهني مطلوب لاستدرار الأفكار والوصول إلى المخرج، مفاتيح ظروفنا في أيدينا جميعًا، فقط علينا كيف نُحسن استخدامها لفتح الأبواب الموصدة.
عاماً كاملاً شارف على الانصرام عشناه كظرف استثنائي بكل مرارته وقساوته كانت تجربة ناجحة على المستوى العام الإنساني والاجتماعي استطعنا فيه التغلب على الطبيعة القاسية التي اختبرتنا بكائن دقيق لا يرى، غز العالم وحصد ملايين البشر، إلا أننا بفضل غريزة البقاء للأقوى والتفكير العكسي نجحنا في المقاومة وتسخير كل الظروف لصالح الإنسان والإنسانية فمفتاح إرادة البقاء فتح باب الحياة والمقامة أمام الإنسان من أجل البقاء ومازال التحدي مستمر.