بيان الأربعين متطرفاً ضد السنة


ظهر على الساحة مؤخراً بيان بعنوان مناصرة العريفي وكالعادة لا يخلو من الأكاذيب والمغالطات ومملوء بالتطرف والدعوة للفتنة، وهو من مجموعة يسبق أسماء معظمها كلمة شيخ أو دكتور، وأبرز ما فيه أنه يصف أخواننا السنة الذين رفضوا التصريحات العنصرية الأخيرة للعريفي بالعلمانيين ،أعداء المصلحين والعلماء ، منافقين ، أعداء لدين الله ، أعوان لكل متربص بالمسلمين وبلادهم ، عملاء ..!!

 
وفي الوقت الذي تتعالى فيه أصوات العقلاء من أخواننا السنة بضرورة التصدي لظاهرة التكفير وإطلاق التصريحات العنصرية والنابية ، وقد وضح ذلك من خلال عشرات المقالات لكتاب معتدلين في الصحف والإنترنت، فإننا نجد أن المفلسين المحترقة أوراقهم يصرون على المسير في الاتجاه المعاكس حتى لو كلفهم ذلك التطاول على أبناء جلدتهم ووصفهم بأقبح الألفاظ ، وعلى طريقة من لم يكن معنا من أبناء جلدتنا فهو ضدنا! وهو الشعار الذي أدى إلى تدمير المنطقة وغرقها في أتون الحرب والفتنة والطائفية المقيتة التي من واجب جميع العقلاء فضحها والتصدي لها.

إنه إطلاق نار بكل الاتجاهات وقتل بنيران صديقة لا تفرق بين صديق وآخر مختلف له حق العيش والتنفس فضلاً عن حقوق المواطنة من الدرجة الأولى كاملة غير منقوصة.. إنه التطرف والانغلاق والتحجر ورفض ليس الطرف الآخر فحسب بل حتى الذات وأبناء الطائفة والمذهب ممن يختلفون مع هؤلاء في الرأي ويتصدون لمحاولة النقد أو المراجعة والتصحيح أو يخالفونهم في رفض بعض أفكار التطرف.

 
إن المتطرفين يريدون أن يشعلوا نار الفتنة بكل الطرق، وهؤلاء لا يجدون مانعاً من نزع ثوب الوطنية عمن يخالفهم وإن كان من أبناء السنة أنفسهم. وهم يريدون التباهي بوطنيتهم التي ينزعونها عن الآخرين ويتبجحون بها دائماً على طريقتهم الخاصة والمعروفة والتي ولله الحمد أصحبت مكشوفة لكل منصف.

ولم يخل البيان الذي صدر لمناصرة العريفي من الأكاذيب والافتراءات والمغالطات على الشيعة وعلى السيد السيستاني قائلين " السيد السيستاني استباح دماء أهل السنة في العراق ، يقول بتحريف القرآن" بالإضافة لبعض المغالطات والافتراءات علاوة على تأييدهم للكلمات النابية التي أطلقها العريفي بحق زعيم الطائفة الشيعية السيد على السيستاني حفظه الله.

أنا هنا لن أطالبهم بدليل على كذبهم وافترائهم على السيد السيستاني بالقول بتحريف القرآن ولن أطالبهم بدليل عن افترائهم على السيد بإصدار فتوى استباح فيها دماء أهل السنة لأن الكذبة أكبر من حجمهم ولن أطالب بأي شيء من هذا القبيل لأنهم أعجز وأفشل من أن يثبتوا ذلك، ولكنني ألفت كل عاقل إلى شيء مهم جدا وهو أن بيان هؤلاء يغامر بدماء أخواننا أهل السنة الذين رفضوا التصريحات العنصرية والبذيئة والنابية التي أطلقها العريفي وهو بمثابة "تكفير" بصورة تقترب من الصراحة لهؤلاء الكتاب للأسف ، والتكفير هو المدخل الذي استخدمه القتلة والإرهابيين والفئة الضالة لاستباحة دماء الأبرياء ومحاربة الدول ، ويدل على ذلك وصف مخالفيهم في البيان بأعداء الله وأعداء العلماء والمنافقين والعملاء ، والمتربصين بالمسلمين وبلادهم.. وبركات هذا البيان السريعة ظهرت في المواقع الإلكترونية المشبوهة التي هللت له ، تلك المواقع التي لا يعلم أحد من يديرها ولكن ما يعرفه الجميع أنها أخذت على عاتقها الترويج لكل ما يمزق هذه الأمة ويفرقها ويدعو للتقاتل والتناحر وإراقة الدماء بين المسلمين!

 
ولعل هذه دعوى للجهات المعنية لحماية أخواننا في الدين والوطن من هذا البيان التي يدعو للتقاتل لا للتلاحم الوطني…وهي دعوى جادة لتقنين إصدار الفتوى من خلال مراكز علمية معروفة ومؤهلة …وهي دعوى لإصدار قانون وتشريع يجرم كل من يخون إخوانه في الوطن من المختلفين معه فكرياً ومذهبياً ويحرض عليهم .. 
إن حماية الصوت المعتدل والآخر المختلف فكرياً ومذهبياً واجب وطني قبل أن يكون واجباً دينياً أو أخلاقياً 
وأخيراً فإن هؤلاء الكتاب الوطنيين من أخواننا أهل السنة لم يتصدوا لهؤلاء إلا لشعورهم بالمسؤولية تجاه وطنهم وأبناء وطنهم والسكوت عن من يصدر هذه الفتاوى والبيانات بحقهم يعد جريمة أخلاقية ودينية ووطنية بل ويعتبر تأييداً ضمنياً لتخرصات الموقعين على البيان المشؤوم