أبشروا بالخير

عددهم بالآلاف، والكثير منهم يحمل شهادات جامعية في مختلف التخصصات. بعضهم أعزب يتطلع للزواج والبعض متزوج ويعيل أسرة. يشتكون من ضعف الراتب وعدم كفايته لسد متطلبات الحياة الأساسية ناهيك عن القليل من الترفيه له ولأسرته. في الحقيقة لم أستطع تخيل حياتهم براتب يبدأ من 3000 ويصل لـ 4500 بعد 16 سنة مع العمل. حتى الترقيات التي من المفترض أن ينالوها كل 4 سنوات وبإمكانها رفع الراتب قليلاً، لم يحصل عليها أغلبهم فكثير منهم بقي على نفس المرتبة سنوات طويلة بالرغم من الشهادة الجامعية التي لديه أو التي حصل عليها لاحقاً.

يصارعون صعوبة الحياة بذلك الراتب الضعيف ومما زاد من معاناتهم توقف بدل غلاء المعيشة وارتفاع أسعار البنزين المستمرة التي ترتفع معها أسعار البضائع الأخرى.

يقول أحدهم إنه فكر في فتح مشروع تجاري صغير ليحصل على دخل إضافي لكن لا يسمح للمستخدم بممارسة النشاط التجاري بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ثم حاول إيجاد وظيفة أخرى مسائية في القطاع الخاص وعدل عن رأيه لأنه ممنوع على المستخدم العمل في الشركات أو المحلات التجارية إلا بترخيص من الوزير المختص والذي إذا استطاع المستخدم الحصول عليه فلن يجد من يوظفه لأنه مشترك أصلاً في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وشركات القطاع الخاص تبحث عمن تستطيع تسجيله في التأمينات لترفع رصيدها في برنامج نطاقات.

بحث الكثير منهم عن وظائف تناسب مؤهلاتهم العلمية أو خبرتهم العملية ولم يوفقوا. فراش، عامل نظافة، خادم، مراسل، مشغل مصعد، حارس، بواب، قهوجي، سائق، مسميات وظيفية بسيطة لا تتوافق ومؤهلات شاغل الوظيفة ولا مع طبيعة العمل الحقيقية التي يقوم بها لكن رضي بها الابن البار لهذا الوطن العظيم والسبب خوفه من شبح البطالة. خادم صحي يعمل في الحجر الصحي لوباء كورونا ليساعد أبناء بلده يستلم نفس الراتب ويعاني نفس المعاناة!

كل ذلك ولسان حالهم يقول: «رضينا بالهم والهم مش راضي بينا» فعلى الرغم من الإصلاحات الكبيرة والمتسارعة التي تشهدها المملكة العربية السعودية مؤخراً، ما زال هؤلاء يعانون ضعف الراتب، فقدان الأمان الوظيفي والحرمان من أي فرص تدريبية أو انتدابات. فلا برنامج تمهير للتدريب أنصفهم ولا خدمة الترقيات في منصة مسار سمحت لهم بالتسجيل.

لقد تحدثت الكثير من البرامج المهمة التي تسلط الضوء على هموم المواطنين مثل برنامج «معالي المواطن» زوايا، يا هلا، تم، الراصد عن معاناتهم لكن دون أي جدوى.

وبعد انتظار طويل للترسيم، تأتي خصخصة القطاعات الحكومية والتي لا يعلم موظفو بند الأجور والمستخدمون مصيرهم معها وهل سيفقدون وظائفهم أم سينتقلون «كما اعتدنا» للعمل تحت رحمة رئيس أجنبي لا يرحم؟ تعني الخصخصة أن البقاء للأفضل مما يحفز الموظف على التطور ويشجع على التنافس الشريف لكن مفهوم «الأفضل» مختلف من شخص لآخر وبالإمكان التلاعب به وإبقاء البعض وفصل البعض الآخر كنتيجة للعلاقات والمحسوبيات.

«موظفو بند الأجور ستتحسن أوضاعهم مع التحول والتخصيص» جملة تداولها موظفو البنود والمستخدمون بفرح في الصباح التالي لعرض حلقة من برنامج الشارع السعودي مع الأستاذ خالد العقيلي تتحدث عن التحول والتخصيص حيث غاب أي تصريح لجهة رسمية لكن بقي موظفو بند الأجورمتفائلين مثل باقي أبناء الوطن للخير الذي بشر به الملك سلمان حفظه الله المواطنين في زمن الرؤية عندما قال: «أبشروا بالخير» ومتأملين بسلمان الحزم بعد الله تعالى أن تتغير أوضاعهم للأفضل وأن يعوضوا خيراً بعد سني الشقاء الطويلة.

 

كاتبة صحفية