المعاملة السابقة

تتعامل فئة من الناس مع من حولها من خلال الرجوع للمشاكل والمواقف السابقة التي حصلت للطرف الآخر، والمقصود بذلك التعامل مع فرد معين عن طريق التركيز على الشخصية القديمة الخاصة به «من دون التركيز على الشخصية الجديدة والإيجابيات الموجودة لديه»، فمثلا هناك من لديه التفكير العدواني الذي يجعل الإنسان لا يرى أن هناك بشر قابلين لتغيير سلوكياتهم وأفكارهم لهذا يظل البعض ينشغل بعيوب وعثرات الآخرين بدلا من العمل على إصلاح ذاته أولا ثم بعد ذلك احتواء الخلافات التي حصلت بينه وبين من تشاجر وتخاصم معه.

وهذا النوع من الفئات العدوانية يترك أثرا سلبيا تجاه نفسه والناس فالبشر بطبيعتهم الفطرية معرضين لارتكاب الأخطاء بأي لحظة، هذه الفئات لا تشعر بالراحة لإنها لديها النظرة التشاؤمية تجاه الحياة فهي غير قابلة للتغيير الجوهري وذلك نتيجة الإصرار على التمسك بالقناعات غير المنطقية التي تؤدي بالشخص للهروب من مواجهة الحقيقة، نظرا للشعور بالحسد، والحقد، والكراهية الشديدة.

بالنسبة للآثار السلبية للشخصية العدوانية فهي دائما تشعر بالغضب الزائد لأن المزاج الخاص بها متعكر بسبب سوء الظن الناتج عن عدم تقبل عيوب وسلبيات الآخرين فهي تعتقد إنها معصومة عن ارتكاب الأخطاء، بمعنى آخر لا يمكن أن تشعر بالذنب لإنها متبلدة المشاعر والأحاسيس، وهذه الأمور تجعلها تلقي اللوم على من حولها بشكل مستمر حيث لديها استعداد للانخراط في صراع دموي مع المجتمع والعلاقات العامة.

الدخول في الصراعات الدموية يؤدي للوقوع في دوائر ضيقة يصعب الخروج منها، الأمر الذي يمثل احد الأسباب وراء انعدام القدرة على إصلاح النفس أولا ثم بعد ذلك العلاقات، وبالتالي فإن عدم امتلاك إمكانية التحكم بالأعصاب أو تدهور حالة السيطرة على الظروف المحيطة تجعل الإنسان يفقد التفكير الإيجابي القادر على وضع الحلول الفعالة من مختلف النواحي، مما يزعزع الهدوء والاستقرار النفسي والاجتماعي، جراء عدم التخلص من السلوكيات الخاطئة.

ولو رجعنا لأسباب نشوء الشخصيات العدوانية فهي قد تكون ناتجة عن التعامل بقسوة والتعرض للشكوى والتذمر والكلام المحبط من قبل الآباء والأمهات في فترة الصغر، فهناك مربيين يعلمون أبنائهم على التعبير عن الغضب والاستياء تجاه من حولهم وذلك عن طريق إلقاء اللوم على الأطراف الأخرى عندما يقعون في الأخطاء أو مشكلة معينة، وهذا يعبر عن ضعف الاعتماد على النفس وعدم تحمل المسؤوليات فله تأثير سلبي على مستقبل الشاب والشابة عندما يتقدمون أكثر في العمر، وهناك أسباب أخرى قد تكون ناتجة عن قلة الرعاية والاهتمام من قبل الآباء والأمهات في فترة الصغر، وأيضا العجز عن فهم الفرد لنفسه والأشخاص المحيطين به مما يتم وضعه في خانة الاضطراب والخوف من التواصل والتفاهم مع العالم الخارجي.

ومن سمات الشخصية العدوانية هي:

•أخذ الاحكام المسبقة عن الآخرين أو التسرع في الحكم عليهم.

•سرعة الانفعال

•كثرة الشك في نوايا الناس.

•قلة التقدير للذات.

•الحب الزائد للتسلط.

•الميل لإيذاء الناس بكثرة كما إنها قد تؤذي نفسها في بعض الحالات بسبب انعدام حالة الشعور بالقناعة والرضا الذاتي الذي يجعل الإنسان لا يتقبل وجود عيوب وسلبيات في الأشخاص المحيطين به.

•الاعتداد بالرأي بغرض إلغاء الآخرين «التمسك بالرأي الواحد» أو تسفيه آرائهم أحيانا.

• الشعور بالاهتزاز النفسي والإنهزام الداخلي عند التعرض للنقد أو الانتقادات السلبية.

ويكون التعامل مع أصحاب السلوك العدواني عبر تجنب الدخول معهم في جدالات عقيمة، ومحاولة تحاشي النزاعات والخصومات الاجتماعية بقدر الإمكان، لإنها تؤثر بشكل كبير على مزاجهم، فمن هنا توجد أهمية من جانب تعزيز أساليب النقاش والحوار الهادئ والعقلاني، من أجل جعل الطرف الآخر يشعر بالاطمئنان بعيدا عن الهجوم عليه بل بالتفاعل معه من خلال إستخدام المنطق وليس الإنجرار وراء التعاطف الزائد معه لأن ذلك سيجعله يرى إنه دائما على حق بكل شيء، وبالتالي لا يشعر بتأنيب الضمير.

هناك مجموعة من الاقتباسات أو الآراء المعينة للمتخصصين حول العدوانية وهي كالآتي:

•يقول ”سيجموند فرويد“ أن العدوانية ترتبط بالغريزة الإنسانية، إذ يكره طرف معين شخص آخر بالفطرة وخلف هذا القناع الاسفنجي المتصف بالمحبة هناك عداء بداخل الشخص العدواني، ولهذا فإن لدى المجتمع وظيفة من ناحية تحقيق قواعد التعايش المشترك وتهذيب النفوس بهدف التحكم بالنوازع العدوانية الخاصة بالإنسان.

•على حسب رأي البروفيسورة الانجليزية ”كايتن إل“، هي تقول: أن سبب العدوانية هو الشعور بالاحباط والانفعال الشديد، لأن الغضب يدفع للعدوانية وهو يعتبر سبب في عدم تحقيق الطموحات والأهداف الكبيرة.

•على حسب ”جيلفورد“، هو يقول: إن كل إنسان يختلف عن الآخر من ناحية القابلية الذاتية التي تعمل على ترويض الذات والسيطرة على العدوانية.