عودة الروح للمدارس
بعد عام ونصف العام من الغياب بسبب جائحة كورونا، تعود الحياة من جديد لمدارسنا التي اشتاقت لصيحات الجرس المدرسي ولشرح المعلمين والمعلمات ولمشاغبة الطلاب والطالبات ولكل تفاصيل العملية التعليمية التي غابت عن الحضور 538 يوماً، لقد كان الغياب/ الانقطاع الأطول والأغرب في تاريخ التعليم في وطننا، بل وفي كل العالم.
وبلا شك، يُعدّ هذا العام الدراسي الحضوري الجديد استثنائياً على الصعد والمستويات كافة، ولكنه سيؤكد بإذن الله عودة الروح مجدداً لمقاعد الدراسة، وذلك طبعاً وفق البروتوكولات والاحترازات الوقائية والصحية التي أقرتها وتُشرف عليها وزارة التعليم بالتعاون والشراكة مع وزارة الصحة.
وهنا، لا بد من الإشادة والفخر بوزارة التعليم التي تحملت أعباء ومسؤوليات عودة الدراسة حضورياً بكل أمانة وكفاءة وبشكل آمن وصحي، ما تحقق من نجاحات باهرة في التعليم عن بعد خلال الفترة السابقة والذي عوّض وبشكل رائع الدراسة الحضورية، يؤكد بما لا يدعو للشك، عزم وزارة التعليم على مواصلة مرحلة النجاح والتطوير للتعليم في وطننا، فقد أكملت الوزارة عن طريق إداراتها وأذرعها المختلفة، كل الاستعدادات والإجراءات لانطلاق هذا العام الجديد، ووفرت كل متطلبات العملية التربوية والتعليمية في جميع المدارس، وأخضعت أكثر من 331 ألف معلم ومعلمة للتدريب خلال إجازة الصيف، ووفرت أكثر من 71 مليون كتاب للطلاب، وأتمت جاهزية منصتي مدرستي وروضتي، وجهزت أكثر من 30 ألف حافلة مدرسية لنقل أكثر من مليون طالب وطالبة في 21 ألف مدرسة، هذا غير أعمال الصيانة والتشغيل والنظافة في المدارس، وتوفير كل المستلزمات والاحتياجات الخاصة بتطبيق الإجراءات الاحترازية، كما سيشهد هذا العام الدراسي الحضوري الجديد، تطويراً نوعياً وكمياً في المناهج والمحتوى التعليمي، فقد تم عمل 34 منهجاً جديداً بالكامل، وتطوير 89 منهجاً قائماً، وإنهاء 120 ألف تعديل في محتوى المناهج خلال العامين الماضيين، كما استبعدت الوزارة الأنشطة الصفية وغير الصفية التي لا تُحقق التباعد، وألغت الطابور الصباحي، وأوقفت العمل في المقاصف المدرسية، وألزمت المدارس بضرورة التقيد بفحص درجة الحرارة والتأكد من ارتداء الكمامة وتنظيم الدخول والخروج بشكل يمنع التزاحم وإعادة ترتيب الفصول الدراسية بما يضمن التباعد ومنع تبادل الأدوات الخاصة بين الطلاب، كما سمحت للطلبة باصطحاب ”الهواتف المحمولة“.
قرار العودة للمدارس، لم يكن سهلاً أو مستعجلاً على الإطلاق، ولكنه جاء بعد غياب لعام ونصف العام، وبعد أن دُرس من الجوانب والاحتمالات، لتكون العودة آمنة وصحية، ولتكون البداية الحقيقية لمرحلة التعافي الكاملة من هذه الجائحة الخطيرة.