رحلة الحبيبين مستمرة

بعد تبوك، انتقلنا لمحافظة العلا ومدينة الحجر «مدائن صالح» ديار ثمود قوم نبي الله صالح الذين رفضوا دعوته وعقروا الناقة التي أرسلها الله لهم آية.

تعتبر العلا متحفا أثريا مفتوحا لاتساع مساحتها التي تضم آثارا مكتشفة وأخرى تنتظر الاكتشاف. احترنا كثيرا في أي منتجع نحجز فمنتجعاتها تتنافس في الجمال بغرفهم ذات النوافذ الكبيرة التي تستطيع من خلالها مشاهدة السماء الزرقاء الصافية المزينة بالسحب البيضاء وهي تحتضن كتل الجبال الصحراوية الضخمة وكأنها عروس بثوب العرس الأبيض تحتضن حبيبها.

أما في الليل فتلبس تلك العروس فستان السهرة الأسود المرصع بالنجوم المتلألئة وتتباهى بجمالها على ضوء الشموع فتسلب الألباب. ما زلت أتذكر جمال وهيبة جبل الفيل وخاصة في الليل وقصر فريد الفريد من نوعه والذي يعتبر أكبر واجهة صخرية منحوتة في مدائن صالح. لقد عاشت الكثير من الحضارات في العلا مثل حضارة دادان، لحيان، الأنباط، الرومان، وقوم ثمود. شهدت المنطقة فنونا معمارية وزخرفية متنوعة كالمصرية، الفينيقية، الآشورية والهلنستية وقد سجلت مدائن صالح كأول موقع سعودي في قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي.

في اليوم التالي استمتعنا بمهرجان المناطيد في شتاء طنطورة الذي لا أستطيع وصفه بمجرد كلمات. الكثير من المناطيد المختلفة الألوان كأنها باقات هائلة من الورد تطير ببطء لتهدى لعروسنا السماء.

وجهتنا التالية كانت المدينة البيضاء، أملج وما أدراك ما أملج! جزر متناثرة، نخيل متمايلة، عيون جارية تصب في البحر، مزارع مانجو، كثبان رملية وبراكين خاملة. تعتبر أملج مالديف السعودية بسبب جزرها الصغيرة الكثيرة ورمالها العذرية البيضاء ولصفاء مائها الفيروزي اللون مما يغري العشاق لزيارتها قبل محبي الصيد والغوص أيضا. في أملج تتعانق السماء الزرقاء مع النخيل الباسقة والماء الفيروزي الرقراق الذي يداعب رمال الشاطئ البكر. في أملج، قمنا برحلة بحرية رائعة، سبحنا مع الأسماك وغصنا لنرى المرجان وتسابقنا مع الدلافين.

بعد ذلك انتقلنا ليابان السعودية، مدينة الشوارع الخالية من الحفر، لؤلؤة البحر الأحمر، عاصمة الغوص، عاصمة الهدوء، مدينة ينبع. مدينة تحتضن في أروقتها قدم التاريخ وثورة التطور والتكنولوجيا في آن واحد وقد قيل إن الضد يظهر حسنه الضد. استيقظنا صباحا وتوجهنا لحديقة الصبح وكان منظر اليخوت المصطفة على الشاطئ يغري الناظر باقتناء يخت والمبيت فيه.

ثم انتقلنا لمدينة ينبع النخيل التي يرجع تاريخها لأكثر من 2000 عام وتحتوي مجموعة من المباني القديمة والأسواق الشعبية ثم توجهنا لمتحف رضوى التراثي الذي يفوح منه عبق الماضي الأصيل. بعد ذلك ذهبنا للواجهة البحرية ثم انتقلنا لجزيرة النورس وبعدها حديقة الطيور في ينبع الصناعية. ذهبنا في رحلة بحرية لاستكشاف إحدى الجزر القريبة ثم شاهدنا غروب الشمس الأجمل على الإطلاق في مرسى الأحلام على واجهة شرم ينبع البحر واختتمنا يومنا بالتخييم والشواء في جزيرة المحار... يتبع.

 

كاتبة صحفية