لماذا لا نُجدد حياتنا؟
مع بزوغ الألفية الثالثة، أي خلال العقدين الماضيين، تغيرت الكثير من المفاهيم والقيم والعادات، وهو أمر طبيعي وصحي، بل ومطلب وضروري، فالحياة الساكنة تُشبه إلى حدٍ بعيد المياه الراكدة التي تحتاج إلى تحريك وتمويج، بل وإلى تنقية وغربلة، حتى تتخلص من الشوائب والتلوث. الحياة هكذا تماماً، فهي تحتاج إلى تجديد وتطوير وتحديث، لتنعتق من الأفكار والرؤى والقناعات الجامدة التي آن لها أن تستفيد من تدفق المعلومات والتحوّلات الجديدة والخلاقة.
ولكن في المقابل، هذه التغيرات والتطورات والتحوّلات التي تطال كل القطاعات والمجالات والمستويات، تحتاج إلى ضوابط وقوانين وآليات، لتكون آمنة ومفيدة ومؤثرة، أو بمعنى أكثر دقة وشفافية وصراحة: يجب أن تتوافق وتتناغم كل تلك التطورات والتحوّلات مع ميزان الأصالة والمعاصرة.
ونحن كبشر نحتاج أيضاً إلى تلك العملية الديناميكية الصحية التي تُمارسها البحار والأنهار لتنقية مياهها وبيئتها، نحتاجها أكثر لتحريك وغربلة الكثير من تفاصيل وملامح حياتنا الصغيرة والكبيرة. فنحن نحتاج لتحريك كل مياهنا الراكدة والآسنة لننعم بحياة نقية وصحية بعيدة عن بؤر الشوائب والتلوث التي أفسدت حياتنا. فكم نحن بحاجة ماسة لتنظيف أرواحنا من الضغوطات والصراعات والمواجهات، وأن نُطهر قلوبنا من الكره والحسد والترصد.
المشاعر الراكدة التي لا حراك فيها والساكنة في دفتر الأمس، تكاد تُسيّج حياتنا بأغلال الماضي، آن لها أن تتحرك وتتموج لتهرب من حالة الرتابة والملل، تلك الحالة التي ما زالت تُسيطر على خطواتنا المترددة وأمنياتنا الخائفة. أفكارنا وآراؤنا التي فارقها الزمن ونسيها العصر، لا بد لها أن تتغير وتتطور، فهي ليست شجرة مثبتة في أرض الجمود والسكون، هي ليست كذلك، ولا يجب أن تكون كذلك. الرؤى والقناعات، مهما كانت مهمة ومتجذرة، هي أيضاً بحاجة لأن تمر بخط إنتاج جديد وحديث، يتناسب مع طبيعة المرحلة وظروف العصر.
التجديد في حياتنا ضرورة لا بد منها، مهما كانت كلفته، فهو يستحق أن يكون أسلوب حياة وفلسفة نجاح.