عاصمة الفن والثقافة والإبداع!
انطلقنا لعاصمة الفن والثقافة والإبداع، عاصمة الشعراء والأدباء والفنانين والمبدعين، أجمل واحة ساحلية غنية بالنفط، اللؤلؤ، الفواكه والخضار والأسماك الطازجة. منطقة عرفت الكثير من الحضارات وتعاقبت عليها دول مختلفة. نعم إنها القطيف وإنهم القطيفيون يا سادة!
لا أعرف عن ماذا أكتب بالضبط. هل اكتب عن أمسياتها الشعرية أو معارضها الفنية أو مزارعها الخضراء الغنية أو عن مواقعها الأثرية أو غابات المنجروف المذهلة أو عن ثروتها السمكية أو ربما أكتب عن طيبة أهلها وثقافتهم العالية؟
تخيل معي أناساً يعيشون في واحة خضراء غناء وجارهم البحر المعطاء بكل ثرواته وهدوئه وزرقته يوازن طاقاتهم ويهديهم الحب والسلام الداخلي!
عندما وصلنا القطيف انطلقنا لكورنيشها بجسوره المعلقة وإضاءتها المذهلة. كان منظر قوارب الصيد الخشبية المنتشرة يأسر العين ويخطف الأنفاس. توجهنا بعد ذلك للمسورة في العوامية لحضور مهرجان الزهور السنوي. وبعد أن أخذنا جولة في مبانيها الأنيقة بطابعها القديم، جلسنا نستمع للموسيقى، التي انطلقت من مسرحها المفتوح في الهواء الطلق.
في صباح اليوم التالي، انطلقنا لسوق الخميس الشعبية التاريخية العريقة، التي تغير وقتها لفجر السبت. تتميز السوق ببساطتها وبالمنتجات المحلية المصنوعة من سعف النخيل كالمراوح اليدوية والحصائر والسلال. تتميز السوق أيضاً ببيع الأشجار والنباتات والطيور والحيوانات وهو أكثر ما أحببته فيها. ثم مررنا بسوق السمك الشهير حيث يمكنك شراء الأسماك الطازجة، التي للتو اصطيدت من البحر.
بعد ذلك ذهبنا لرؤية حمام عين أبو لوزة الأثري، الذي اشتهر قديماً بمياهه الكبريتية والمعدنية، وكان يقصده الناس للاستشفاء من بعض الأمراض الجلدية وآلام المفاصل. ثم زرنا منطقة عين الكعبة، التي جلب إليها القرامطة الحجر الأسود وطلبوا من الأهالي الحج إليها بدل مكة لكنهم رفضوا فقاموا بقتل عدد كبير منهم. ثم اتجهنا لنرى قصر الفيحاني القديم وبقايا قلعة دارين الأثرية المجاورة له. وكان لا بد لنا من رؤية الغرفة المتبقية من مطار الرفيعة التاريخي، ثاني مطار في الخليج، الذي يقع بين دارين وتاروت. قلعة تاروت التاريخية المهيبة، التي تعود لأكثر من 5000 آلاف سنة قبل الميلاد كانت هدفنا التالي. ثم تجولنا في الأحياء القديمة، التي تنتشر فيها المنازل العتيقة بأعمدتها وأقواسها البديعة ورواشنها وجدرانها المزينة بالزخارف الجصية المفرغة للسماح بمرور الضوء من خلالها ليضفي جمالاً على جمالها. مبان أثرية تشهد باحترافية بانيها وتعكس الفن والجمال، الذي تشبع به سكان المنطقة وورثوه لأبنائهم وأحفادهم. لقد عشق سكان المنطقة تراثهم وقدروا قيمته الحقيقية حتى أصبح في كل منزل من منازلهم متحف صغير.
اختتمنا رحلتنا بحضور مهرجان الدوخلة، الذي يقام سنوياً خلال عيد الأضحى المبارك على كورنيش قرية سنابس، الذي يهدف لإحياء التراث. ثم قضينا الليل أنا وحبيبي على شاطئ الرملة البيضاء الجميل، ونحن نتمشى حفاة على رماله الناعمة النقية.