ليس نحن من يحكم
في سياق ما يحصل من حوادث مهما كان نوعها وقساوتها، للأسف الشديد يأتي الحكم ”متسرعا“ من الغالبية منا كمجتمع، سواءً من نفس موقع الحدث أو من مسافات تبعد المئات بل أحياناً الألاف الكيلومترات من داخل البلاد أو من خارجها.
يأتي الحكم ومن النظرة الأولى لمجرد سماع الخبر دون تفاصيله، ما يؤدي إلى حدوث خطأ ما في الرأي والتحليل، وبالتالي يحدث الخطأ في الموقف الناجم من جرّاء الخطأ في التقييم الأولي والمتسرع للحدث. ً.
لهذا السبب ونظراً لتكرار ذلك من الأخطاء ومن التأويلات التي لا تمس الحقيقة بأي شكل من الأشكال والتي لم ينزل الله لها من سلطان، عليه وجب علينا شرعاً وعرفاً وأخلاقاً وإنسانية أن نتعلم وننتبه جميعاً، فالحوادث أو الجرائم، كبرت أم صغرت، وكما تكلم عنها العقلاء من الرجال، فهي تحدث في أي مكان وفي أي زمان ومن أي عمر بشري، وبمعنى وبأبسط تعريف نقول بأن الجريمة ليس لها وقت ولا مكان ولا صنف من البشر دون غيره، فالجريمة تحدث في بلاد الغرب كما في بلاد الشرق، وفي البلدان المتقدمة والمتطورة أو الأقل من ذلك، كما تحدث في البلاد المتخلفة، وليس من حق أي إنسان مهما كان أو علا شأنه، أن يحكم على الحدث من دون وجه حق.
فالناس أسرار والبيوت لها أسرارها والعوائل لها عفتها وسترها، والله سبحانه وتعالى ساتر عليها وكفيلها، فلا داعي لفتح صفحات وإلصاق تهم وفتح جراحات وتعمد القيل والقال وكثرة التساؤل وفضول السؤال، أي بمعنى اصح، علينا تجنب الكلام وكثرته أو الحكاية والتحدث بشيء بلا علم
وهذا ما نهى عنه الشرع، إذ نهى عن ترك القيل والقال والخوض فيما لا ينفع ولا يفيد، وتناقل الكلام والحديث دون وعي أو تثبت وإلصاق الناس بما ليس فيهم،
فهذا الأمر والله أعلم متى ما تفشى أو تكاثر بين الناس، فسوف يكون وباء خطيرا، أعظم من الجريمة نفسها، فمن يكذب ويزوّر الحقائق ويحرّفها فسوف يضر بالناس جميعاً وسوف يؤدي إلى هدم المجتمعات وانهيار بنيتها، فتنتشر الغوغاء وتكثر الفتن والشائعات.
دع الأمر لله سبحانه وتعالى - الخالق عز وجل ثم لأهل الخبرة والاختصاص ومن هم أهلاً للتحقق والتحقيق، فقد روى عن الرسول الكريم أنه قال: ”كفى بالمرء كذباً أن يتحدث بكل ما سمع“.
فهي آفة تؤدي إلى انتشار الجهل والتخلف وتؤدي إلى إحداث فوضى وأضرار على المدى القريب والبعيد.
لنترك الأمر ونبعد أنفسنا ونحفظ ألسنتنا، فالدولة حفظها الله ورعاها، فيها من قوة القانون والنظام كفيلة بعد توفيق الله وسداده بحفظ الحقوق للناس من المواطنين والمقيمين، وتتبع الجريمة مهما كانت ومن أي مخلوق كان، وإنزال العقاب وأشد العقاب على المعتدين والمفسدين، وحفظ البلاد والعباد من كل سوء ومكروه والحمد لله رب العالمين.