كيف تُصبح مشهوراً في دقيقة؟
يبدو أن ملامح هذا العصر لم تعد حادة ودقيقة كما كانت في العصور والحقب الماضية، الأمر لم يعد كذلك، فمنذ بزوغ الألفية الثالثة، أي قبل عقدين من الزمن، أصبحت ملامح وتفاصيل حياتنا أكثر بساطة وسهولة، بل وأكثر فوضى واستباحة. لقد تغير كل شيء تقريباً، الأفكار والقناعات والقواعد والأساليب، كل شيء تقريباً. فنحن منذ ذلك الوقت، نعيش مخاضاً لا يقف وتحولاً لا يهدأ، سواء في بنية التفكير أو في طريقة التنفيذ، فالتطورات والتحولات كما يبدو لم تصل بعد لغاياتها أو تُلامس فضاءاتها. نحن نعيش الصدمة والدهشة في كل لحظة وفي كل موقف وفي كل حدث.
لقد استطاعت العولمة بكل أدواتها وآلياتها ومصادرها أن تُبشّر بالكثير من الأفكار والرؤى وأن تفرض الكثير من التوجهات والتحديات، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ورغم الانقسام والتباين من المتفائلين والمتشائمين حول العولمة، إلا أنها أصبحت واقعاً حقيقياً في حياتنا.
لقد شجعت العولمة بأدواتها الكبرى المتمثلة بالاقتصاد الحر والتجارة العالمية والانفتاح على كل الأسواق والحدود ووسائل وتطبيقات الإعلام الجديد ومنصات وشبكات التواصل الاجتماعي، كل من يُريد أن يُحقق الشهرة بأي وسيلة أو طريقة، ما عليه إلا أن يُقرر ذلك، أما الباقي فهو عادة لا يهم.
فمن يُريد أن يُصبح إعلامياً في ليلة وضحاها، ما عليه إلا أن ينشر مقطعاً بسيطاً قد لا يتجاوز دقيقة واحدة، بشرط أن يحتوي على ما يُثير أو يستفز، ليجد الشهرة تطرق أبوابه بترنداتها وإعلاناتها. ومن يُريد أن يُصبح روائياً تتناقل سكناته قبل حركاته الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي ويُدعى للمهرجانات وتنهال عليه الدعوات، ما عليه سوى التعامل مع دار نشر تتعاطى مع الأدب كسلعة/بضاعة خالية من الدسم، وفجأة تُصبح تلك الرواية الأكثر مبيعاً! ومن يُريد أن يُصبح شاعراً أو كاتباً أو مثقفاً أو ناشطاً أو مشهوراً، الأمر في غاية السهولة والبساطة، ولا يتطلب إلا شيئاً من البلادة والبلاهة، وهناك من سيتكفل بباقي الأمور.
السؤال المحزن هنا: ما حجم هؤلاء المشاهير في حياتنا؟