بين الراحة والشقاء
قَالَ الإِمَامُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وهُوَ في أحد المجالس: ”السعيد من وعظ بغيره، والشقي من اتعظ به غيره“ فالقليل جدا هم مرتحاون نفسيا الذين لا يملكون كل شيء بل مقتنعين بكل شيء وفي المقابل عندما تلتفت من حولك ستجد أن قسماً من الناس يعيشون الشقاء والتعاسة لعدم قدرتهم على حل مشاكلهم والتكيف مع ظروف حياتهم اليومية مما أدى بهم إلى خفض مستوى التطور الذاتي وفقدان خاصية التغيير الشخصي ونتيجة ذلك تجدهم يلقون اللوم على المجتمع، والظروف المحيطة على إخفاقاتهم وإحباطاتهم بدل أن يلقوا اللوم على أنفسهم.
وإذا لم تكن لدى الفرد القدرة للتخلص من هذه النظرة السلبية والكف عن الاستخفاف بنفسه، ولم يتخلص من مشاعر الذنب فإنه سيكون أحد هؤلاء الذين يواصلون الاخفاق.
وإذا أراد الفرد أن يعيش حياة هادفة ذات مغزى عليه أولاً أن يبدأ بنفسه وتقدير ذاته وأن تكون له رغبة أيضاً في التطور الإيجابي وممارسة هوايات مفيدة ونضيف على ذلك ممارسة العمل التطوعي وخدمة الوطن والمجتمع الذي يعيش فيه.
وايضا التبعية المقيتة للأشخاص السلبيين والتي تؤدي بهم إلى تدمير كل قيم ومبادئ الإنسانية النبيلة، قال الإمام علي «الجَهْلُ مُمِيْتُ الأَحْيَاءِ، َومُخَلِّدُ الشَّقَاءِ».
وفي واقع الأمر أن للفرد القدرة على التخلص من آلام المعاناة النفسية إذا رفض السماح والخضوع والإذعان للسلبيين بتدمير حياته، وفي قول آخر للإمام علي : «الجَاهِلُ صَخْرَةٌ لَا يَنْفَجِرُ مَاؤُهَا وَشَجَرَةٌ لَا يَخْضَرُّ عُودُهَا وَأَرْضٌ لَا يَظْهَرُ عُشْبُهَا».
فكل واحد منا يريد إشباع احتياجاته الخاصة وميوله الذاتية ولكن قسم من البشر لا يستطيع فعل ذلك لعدم قدرته على حل ما يواجهه من مشاكل أو التكيف مع الظروف النفسية والحياتية القاسية، وزيادة على ذلك عدم القدرة على التحكم بمشاعره فهذه كما قلنا التبعية السلبية ستفتك بمن يحاكي السلبيين وأصحاب النظرة التشاؤمية مما يؤدي إلى فقدان خاصية التغيير الإيجابي عند الفرد، وعند فقدان هذه الخاصية سيعيش الفرد في حالة متكررة من الفشل والإحباط مما يجعله يتجه إلى إشباع رغباته في أشياء سلبية بدلا من محاولته من التغيير بشكل فعال حيث انه سيتعود على إسقاط الملامة والاخفاق على الآخرين وعلى المجتمع.
نتمنى الخير للآباء والأمهات والشباب والأبناء، ونسألكم الدعاء في هذه الأيام المباركة.