اقرأ ولو كنت في دبابة!
قال لي روائي عراقي شهير بأنه يقرأ يومياً تقريباً منذ تعلم القراءة، وحتى في الجيش داخل الدبابة تحت القصف كان يقرأ. وعندما سألت الروائي الدكتور محسن الرملي عن عدد الساعات التي يقرأ فيها كل يوم أجابني: حسب ما يتيح لي كل يوم من وقت ولكن على الأقل ساعتين يوميا، وإذا كان يومي ملكي وليس لدي كتابة أستثمره كله بالقراءة. ويقول في لقاء له مع صحيفة الزمان «5ديسمبر 2020»: لا أستطيع التوقف حتى يتوقف نبض القلب أو يعجز النظر.
ولأن القراءة هي البناء الحقيقي للعقول وبها يقاس عمر الإنسان، فإن الرملي يكتب في صفحته بتويتر: أكثر شيء فعلته في حياتي هو القراءة، وأجمل شيء فعلته في حياتي هو القراءة.. وأتمنى أن يكون موتي كموت الجاحظ: تحت الكتب، وأن يكون عالم ما بعد الموت كما تخيله بورخس: مكتبة كبيرة.
وقد كانت هذه الإجابات كفيلة بأن أغير من رأيي بأن الحروب التي حصلت في العراق وحالة عدم الاستقرار قد أثرت في الشعب العراقي وأبعدته عن القراءة، وأن المقولة الشهيرة بأن الكتب تكتب في مصر وتطبع في لبنان وتقرأ في العراق، لا تزال سارية المفعول، على الأقل القسم الأخير المتعلق بالعراق منها.
وعندما سألته أيضا عن أن هذه القراءة المكثفة هي سر قلمه الجميل وعباراته الرائعة أجابني: وسر تحملي لكل المآسي التي عشتها وشهدتها في حياتي.
وقد استطاع الرملي إصدار نحو ثلاثين إصداراً باللغتين العربية والإسبانية منها روايات وقصص وأشعار وكتب في الأدب وكتب مُترجمة، وترجمت أعماله إلى أكثر من عشر لغات. وعندما أراد كتابة إهداء في كتابه «ذئبة الحب والكتب» لم يجد أفضل من عبارة: إهداء إلى كل الذين يحبون الحب والكتب. إلى الذين حرموا من حبهم بسبب الظروف.
وفي حديثه عن القراءة يستبعد الرملي «الذي درس الأسبانية في العراق ثم أكمل دراساته العليا في أسبانيا بعد رحلة مضنية ومعاناة مادية في الأردن عمل فيها حمالا ومنظفا للصحون وسكن في بيوت شعبية قديمة» يستبعد أن يتمكن أحد من الكتابة الجادة اعتمادا على الموهبة الفطرية فقط، مضيفا: ومما تحتاجه الكثير من القراءة والتجربة الخصبة طبعاً، فكلما كانت التجربة الحياتية ثرية كان العمل ثرياً». جريدة النهار 22 فبراير2022م.
وأخيرا يقول الدكتور محسن عن نفسه إنه مقاتل بالكلمة الطيبة وبغير الطيبة إذا لزم الأمر، ويضيف بأنه لولا القراءة والكتابة لمتُ كمداً. لذلك يلاحظ المتابع لحساباته في مواقع التواصل مدى اهتمامه بالقراءة ونشره ما يتعلق بها سواء كان هو الكاتب أو غيره.