ما وظيفة الإعلام الحقيقية؟
لا يبدو أن الجواب على العنوان/ السؤال أعلاه، سيكون سهلاً أو مقنعاً، خاصة حينما يُطرح في مساحة محدودة هنا، فالمشكلة أكثر تعقيداً والتباساً، وبمجرد أن تبدأ المحاولات والمقاربات، تنفجر شلالات الأسئلة والإشكالات التي ليس لها إجابات أو نهايات.
لن أقع في فخاخ التعريفات والتوصيفات والأجندات حول الإعلام ووظائفه واستخداماته وأهدافه، وسأقفز مباشرة إلى قضية إعلامية مهمة تستحق الالتفات والنقاش، يحملها هذا السؤال الكبير: هل يعكس الإعلام الواقع الحقيقي للمجتمع؟ أو ليكن بهذا الشكل الأكثر إشكالية ومخاتلة: هل الإعلام صورة طبق الأصل للواقع أم هو صدى مختلف لذلك الواقع؟
تسونامي الأخبار والأحداث والقصص اللحظية التي تنقلها وسائل وتطبيقات الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، تكاد تُغرقنا في بحر الأفكار والتجاذبات والاصطفافات، الأمر الذي يجعلنا في كثير من الأحيان نفقد بوصلة الاختيار والقدرة على الفرز لكل ذلك الطوفان من ”المحتوى“ الذي تُنتجه وسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي المتعددة.
والخلاف أو الاختلاف حول وظيفة الإعلام، كبير ومثير، ولكن يمكن إجماله واختصاره في صورتين/ حالتين: الأولى، تتبنى وجهة نظر تقليدية تتمثل في أن وظيفة الإعلام هي نقل وعرض ونشر الأخبار والأحداث وحياة الناس كما هي، بمعنى أن الإعلام هو مرآة شفافة وأمينة تعكس واقع المجتمع. الثانية، ترى أن وظيفة الإعلام تتجاوز ذلك بكثير، وهي عملية مستمرة لصياغة وتشكيل وتوجيه الوعي والرأي في المجتمع.
ما يحدث الآن في وسائل ووسائط الإعلام الجديد وشبكات ومنصات التواصل الاجتماعي والتي أصبحت الأكثر استخداماً وتأثيراً، يؤكد حقيقة الصراع بين الصورتين لواقع الإعلام في المجتمع.
وظيفة الإعلام، مسألة معقدة وشائكة، لأن الإعلام لم يعد حالة ثابتة وواضحة، بل هو الآن منظومة/ صناعة هائلة لها مفرداتها وأدواتها وآلياتها، وتتجدد وتتطور بشكل لحظي ومكثف، ما جعلها - أي وظيفة الإعلام - عصية على التحديد، فضلاً عن التعريف.