هيئة وطنية عليا لتطوير التمور
هذا التطور الكبير والحراك الاقتصادي في قطاع التمور، يتطلب وجود هيئة وطنية عليا لتطوير قطاع التمور، ولمّ شتات كل الجهات والتفرعات الكثيرة التي تهتم بالنخيل والتمور
لاشك بأن تأثيرات جائحة كورونا ثم تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية وغيرها من الأحداث والتحولات المناخية والبيئية الكبرى، قد علّقت جرس الإنذار وزادت من منسوب القلق والخوف من حدوث أزمة في الوفرة والأمن الغذائي، الأمر الذي بات ملّحاً وضرورياً لتوفير وابتكار مصادر جديدة ومتنوعة من السلع والبضائع الغذائية، وهذا ما نجحت فيه المملكة بامتياز خلال هذه الأزمات والظروف الخطيرة، فقد كان ملف الأمن الغذائي دائماً إحدى أهم الأولويات والاستراتيجيات الوطنية في عنق الدولة السعودية، وقد حظيت الخطط والمبادرات السعودية المميزة بشأن الأمن الغذائي بإعجاب ودهشة العالم، بل وتحوّلت مثالاً يُحتذى به في الطرق والأساليب. وكان ومازال التمر بكل منتجاته ومشتقاته وصناعاته التحويلية في صدارة السلع والبضائع التي عززت من وفرة وتوطين الأمن الغذائي في المملكة.
وتُعدّ التمور من أهم المنتجات والسلع الغذائية في المملكة، كما تُعتبر العنوان الأبرز للضيافة والكرم، وتُمثّل التمور الشهيرة في المملكة الهدية المفضلة التي تنتظرها كل بيوت العالم. للتمور السعودية شهرة واسعة في كل دول العالم، لما تتمتع به من جودة ومذاق، وبما تُحققه من أعلى معايير ومقاييس صحية وبيئية، جعلها الأكثر شهرة وطلباً. فالتمور السعودية التي تُعدّ من أفضل وأجود أنواع التمور في العالم محققة أعلى المواصفات والاشتراطات القياسية التي تهتم بدرجات الجودة والصحة في إنتاج التمور، والتي تفوق أصنافها ال300 صنف، ويتجاوز إنتاجها السنوي للتمور أكثر من 1054 مليون طن سنوياً، تُعد من أجود الأطعمة التي تحتوي قيمة غذائية صحية، إضافة إلى الصناعات التحويلية الكثيرة التي تعتمد على إنتاج التمور، هذه السلعة الوطنية المهمة تستحق الفخر والامتنان.
ما يحدث من تطور وتميز في قطاع التمور في المملكة، يؤكد بما لا يدعو للشك الاهتمام الكبير والرعاية الكريمة من الدولة للمحافظة على هذا المنتج الرمزي الذي يُمثّل الكرم والضيافة لهذا الوطن، فهناك الخطط والاستراتيجيات الكبرى المتعلقة بهذه السلعة الغذائية المهمة، وتسهيل وجودها في كل أسواق الوطن، والتشجيع على تصديرها لكل أسواق العالم، ودعم المصانع الصغيرة والكبيرة المتخصصة في الصناعات التحويلية لمشتقات التمور، إضافة لوجود المركز الوطني للنخيل والتمور الذي يهتم بتطوير هذا القطاع الضخم، كذلك وجود المقر الرئيس للمجلس الدولي للتمور في العاصمة الرياض وانتخاب المملكة كأول رئيس لهذا المجلس الأممي الذي يُعنى بقطاع التمور في كل العالم.
قبل عدة أيام، ختمت فعاليات مهرجان تمور بريدة وهو أكبر سوق تمور في العالم، والذي بدأ نشاطه قبل ثلاثة عقود، وتُقدّر مبيعاته السنوية بأكثر من ملياري ريال، كما يُعدّ هذا السوق الوطني الضخم الذي يستمر لمدة 75 يوماً أحد أهم مستهدفات واستراتيجيات رؤية المملكة 2030 والمتعلقة بملف تنوع مصادر الدخل، إذ يُعتبر قطاع التمور في مقدمة المنتجات غير النفطية التي تُصدر للخارج.
هذا التطور الكبير والحراك الاقتصادي في قطاع التمور، يتطلب وجود هيئة وطنية عليا لتطوير قطاع التمور، ولمّ شتات كل الجهات والتفرعات الكثيرة التي تهتم بالنخيل والتمور. هيئة وطنية عليا لتطوير التمور، ستصنع قفزة كبرى لتعزيز الوفرة الاقتصادية والأمن الغذائي، وستتحول المنتجات والصناعات التحويلية للتمور علاماتٍ تجارية عالمية تتصدر واجهات الأسواق العالمية.
وهنا أختم بما ذكره الدكتور خالد النقيدان الرئيس التنفيذي لمهرجان تمور بريدة حول أهمية وجود مظلة/هيئة عليا لتطوير التمور: ”لابد من وجود هيئة وطنية عليا لتطوير قطاع التمور في المملكة، لتُصبح التمور السعودية التي تُعدّ الأجود من بين كل تمور العالم، رمزاً للضيافة وعنواناً للكرم في المملكة، ووفرة للأمن الغذائي في كل العالم“.