فقط وقفة تأمل لا تأنيب
إن من المظاهر الصادقة لأي عمل أو نشاط وطني، إجتماعي، تطوعي، أنساني وغيره، يجب أن يتحلى بالخلق الحسن ويستشعر بالمسؤولية ويحاط بالسلمية من كل جوانبه.
إن من يرى في نفسه سواءً ذكر أو أنثى، مبادرة أي كان نوعها فليبادر سلماً، فالتذكير على سبيل المثال والنصيحة لمن غفل لا سمح الله عن واجبه تجاه أمر ما، يلزم من يقوم بهذه الثقافة التوعوية، بالتحلي بالصبر والهدوء مما يعطي انطباعاً جميلاً لكل الأطراف وفرصة لقبول الآخر والإعتراف بسنة الإختلاف، ويكون التعبير نبيلاً ولو بكلمة واحدة وهذه من العلاقات الوطنية والإجتماعية والإنسانية الحميدة، التي تحث عليها قيمنا ومبادئنا وأن يقبل الوطني أبناء وطنه وإن أختلفوا معه في الرآي أو المعتقد.
إذا كان الأمر يتعلق بالوطن، فحب الوطن غريزة، كما هو راسخ في العقول، والغيرة عليه والذوذ عنه والدفاع عنه وبالتضحية بالنفس والمال وهو فرض ديني وأخلاقي وإنساني.
إن الاختلاف سنة كونية بين الخلق قال تعالى: «ومن آياته
خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم ان في ذلك لآيات للعالمين».
فالنصح بالتي هي أحسن والحوار الرزين والمتزن بين أبناء الوطن مطلبان رئيسيان، ولا سلطان لأحد على أحد ولا تحكم في قلوب الناس ولا عقولهم، قال سبحانه في كتابه العزيز: «قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون».
إن المزايدة بحذ ذاتها منبوذة والتصيد لعثرات الناس أو التنقيص منهم، يتعارض مع مبادئ الإسلام وتوجيهاته التي تدعو إلى التعاون وتأليف القلوب وجمع الكلمة، ولا ينبغي أن نعيش في أجواء الجاهلية ونخرج بين تارة وأخرى بسيناريو غير مسبوق نستخدم شعارات وأقنعة فضفاضة عبر ما يسمى السوشيال ميديا أو التواصل الإجتماعي، رافعين شعارات براقة من الوصاية على الجميع تارة بالصراخ وتارة بالتهديد والوعيد وكأننا فقط نحن من نملك صكوك الوطنية والغير لا.
إن كان الرهان على الوطنية أو حب الوطن وتعزيزه، فإن ذلك لا يكون إلا بالعمل الصالح والأفعال البناءة وبالحس الوطني المعهود والذي يحافظ على الأمن والإستقرار والسلامة للأنفس والممتلكات العامة والخاصة، لا بالهدم وتفتيت النسيج الإجتماعي في الداخل أو في الخارج، فالوطن يتطلع إلى أيدي متماسكة وصدور ذات رحب وأفق رفيع معدنها الخير والنماء لمجتمعها ولوطنها وولاءها لقادتها واحترامها للأمة والإنسانية جمعا.
نسأل الله القدير الهداية والصلاح وألا نحول تلك الاختلافات البسيطة إلى خلافات عقيمة، تصب علينا المحن وتصعب علينا بلوغ الأهداف الوطنية النبيلة والتي من أهمها وأبرزها رقي البلاد وازدهارها، هذا وأختم الحديث بقوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2]