الرَين وآثاره على قلب الإنسان
قال الله تعالى: ﴿كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [سُورَةُ المُطَفِّفِينَ: ١٤]
الرَين هو النقطة السوداء التي تتراكم وتتضخم شيئًا فشيئًا بسبب ارتكاب ما يغضب الله تعالى، وأمر كهذا يعمل على إبعاد الإنسان عن التفكير بتطهير القلب وتزكية النفس من ارتكاب الفواحش والنظر للمحرمات وممارسة الأخطاء الزائدة.
ويؤثر الرَين على قلب الإنسان ويؤدي به إلى الإدمان والاستمرار على المعاصي دون أن يشعر بتأنيب الضمير، بل يجعل الفرد يرى أي معصية يقوم بارتكابها أمرًا معتادًا ويعدها من صغائر الذنوب حتى لو كانت من الكبائر.
ويتوجه الإنسان شيئا فشيئا إلى نحو الانزلاق إلى الشهوات والمشاهد المخلة بالآداب، وتداول الأفكار الشهوانية لدرجة لسواد القلب وتدهور الحالة النفسية بسبب تأثير الرَين الناتج عن فقدان الإحساس بارتكاب المعاصي.
كما أن الرَين يجعل الفرد يتوجه نحو الحسد والحقد الشديد المبني على الاعتداء والظلم والعدوانية وتتبع عثرات وعورات الآخرين بسبب سواد القلب وعدم الشعور بأي نوع من التراجع عن المحرمات، بل استغلال أي فرصة وثغرة تهدف للإنسياق نحو الإيذاء وإثارة الفتنة ونشر الفساد بين الناس.
ومن أسباب الإصابة بالرَين: مجالسة ومصادقة الخبيثين ورفقاء السوء والابتعاد عن الصالحين، والإدمان على سماع الأغاني، وعدم الاستماع للكبار الناصحين وأهل الحكمة والموعظة وعلماء الأخلاق والدين، وعدم الذهاب للمساجد والمجالس الدينية التي يتم ذكر الله فيها، وعدم قيام الصلوات الخمس بشكل صحيح أو التأخير عن أداء الصلاة، والجهل وقلة العلم والتعلم في الأمور الدينية والأحكام الشرعية.
وهناك سبب كبير ورئيس في حالة الإصابة بهذا السواد في القلب، وهو عدم التدبر في قراءة القرآن فإنها لا يجب أن تكون مجرد لقلقة لسان أو قراءة متسرعة، بل من اللازم التعمق في الآيات الكريمة التي تنمي الجوانب الروحية كي يتم العمل على تطهير وتزكية النفس من المفاسد الأخلاقية والفكرية والقلبية.
من هنا ترى الدرس والعبرة الإلهية وكيف أن الرَين يجعل الإنسان لا ينجح في ترتيب الأمور الحياتية أو الأسرية والمنزلية أو الاجتماعية أو في مكان العمل، وهكذا ترى شخص معين تتراكم عليه الهموم الثقيلة والأمراض والمشاكل والمصائب من مختلف الزوايا إلى أن تدهور حالته فينزل العذاب عليه نتيجة غضب الله وعدم الاستماع للنصيحة النافعة وتقبل الواقع.
وفي آخر المطاف يمكن التغلب على الرَين ولكن يحتاج ذلك لصبر واجتهاد في مجاهدة النفس وهناك طبعا أمور تساعد على اقتلاعه وهي:
1- التدبر في قراءة القرآن الكريم.
2- الابتعاد عن التفكير في الأفكار التي تميل للشهوة، وذلك من خلال التدرب على مواجهتها ومعرفة كيفية الإقلاع عنها.
3- الاستماع لتوجيهات أهل العلم وعلماء الدين والأخلاق.
4- الذهاب إلى صلاة الجمعة والمجالس التي تقام فيها المحاضرات التي تكثر فيها العبر والمواعظ والدروس.
5- ثق بالله وبنفسك بأن لا تخاف من مواجهة أية مشكلة تتعرض له في حياتك.
6- استثمار الوقت في الذي ينفع والابتعاد عن ما يهدر وقت الإنسان ويجلب له الضيق والفراغ.
7- تنمية مهارة الانتباه للنفس بين فترة وأخرى، من أجل الخوف من الانسياق خلف ما هو محظور.
نسأل الله أن يهدي ويوفق الجميع، ونتمنى لهم الخير والبركة التي تدفع تبعد عنهم المصائب المبنية على انقطاع الرزق أو الموت المفاجئ.