الوحش جيفري دامر [الجزء الثاني]
في الجزء السابق تحدثنا عن شخصية السفاح التاريخي الرهيب جيفري دامر بصورة عامة وعن الحياة والمعاناة النفسية السيئة التي عاشها في فترة الطفولة والشباب، وبهذا الجزء نستكمل بذكر أسباب ظهور شخصيته وجزء من المشاكل الأسرية والشخصية والعملية والمواقف المجتمعية التي تعرض لها في حياته.
خرج جيفري دامر من الجامعة لأسباب محددة والتحق بالجيش بسبب إرغام والده له بالعمل فيه، من هنا قام جيفري بالعمل في هذا المكان وارتكب جرائم بطريقة خفية دون علم زملاء العسكرية.
ومن تلك الجرائم هي: الاعتداء الجسدي، وإستخدام الحبوب بطرق غير مشروعة، والإدمان على الكحول، بالإضافة إلى العمل على أخذ حبوب من عبوات معينة بطريقة خفية من منطقة المستودع في مبنى محدد بالجيش.
وبعد فترة قام جيفري دامر باستدراج أحد الزملاء العسكريين لغرفة في المبنى وثم قام بدس الحبوب المنومة في كأس مشروب، وذلك بهدف محاولة الاعتداء على الزميل العسكري جسديا، في لحظة استلقاء الزميل على الأريكة.
بعد مرور سنتين فقط تم استبعاد جيفري دامر من العسكرية بسبب انكشاف الجرائم في الغرف والمباني في منطقة الجيش والتي كان يمارسها تجاه الضحايا، عن طريق العمل على استدراجهم في المنشئة بوسيلة خفية.
وقام دامر بعد ذلك بالانتقال إلى منزل جدته بعد أن خرج من الجيش فلم يرغب في لقاء والده؛ بسبب شعور الأب بالعصبية والغضب وتراكم الخلافات التي جعلت الأب ليونيل دامر يكره ابنه جيفري بعد حصول المواقف في منطقة الجيش ونتيجة الخوف من شخصيته المعقدة نفسيا.
وعاش وجلس جيفري دامر في منزل جدته لمدة ستة سنوات ثم حصلت خلافات بينه وبين جدته؛ بسبب الأمور التي كان يرتكبها والتي تتوجه نحو جلب واستغلال الذكور اليافعين في غرفة المعيشة بهدف العمل على الاعتداء عليهم بأسلوب دس الحبوب المنومة في المشروب، ثم طلبت من جدته المغادرة من المنزل بعد أن تبين أنه ارتكب جريمة وهي التعري جسديا على الملأ.
وكانت هناك ضحايا يستغلها جيفري دامر بالخفاء في القبو «the basement» في منزل جدته دون أن تعلم إنه يقوم بسلخ وتقطيع تلك الجثث وتذويب وتكسير العظام الخاصة بها ثم وضعها في أنابيب الصرف الموجودة تحت الأرض.
إن جدة جيفري علمت بتهمة ارتكاب جريمة التعري جسديا وغيرها من جرائم تعلم بوجودها، ولكن لم تعلم أبدا أنه كان يقوم بسلخ الجثث في القبو؛ فكل ذلك بسبب قدرة دامر الفائقة على إخفاء تلك الجثث.
هناك مجموعة من أسباب نشوء شخصية السفاح جيفري دامر:
1 - كثرة المرور بالمواقف والأحداث السيئة في فترة الطفولة.
2 - حدوث الخلافات وحالة التشتت الأسري في جانب انفصال الوالدين.
3 - قلة الاهتمام والنظرة الضيقة من قبل المجتمع تجاه شخصية جيفري في فترة المراهقة.
4 - الشعور بالاحباط وكثرة التعرض للتنمر من قبل المجتمع وزملاء الدراسة.
5 - المعاناة من العزلة المجتمعية السلبية منذ فترة الطفولة وفترة المراهقة والشباب، وبمعنى آخر الانعزال عن التواصل مع الوالدين والمجتمع والخوف من التحدث معهم عن المشاكل الشخصية والحياتية.
6 - الخوف الشديد من مواجهة المشاكل وضعف القدرة على تعديل السلوكيات والصفات والتصرفات بشكل إيجابي.
7 - الصحبة السيئة في فترة المراهقة والشباب.
8 - قلة الرعاية السلوكية والأسرية والصحية جعلت دامر يفشل في مواجهة الاختلالات والمشاكل النفسية التي يعاني منها.
9 - الإدمان على الكحول في مرحلة الشباب.
10 - ضعف الثقة وخوف المجتمع بعدم قدرته على حل المشاكل والتكيف والتأقلم مع شخصية جيفري المعقدة.
في الختام، نتعلم من قصة السفاح الرهيب جيفري دامر الدرس والعبرة، ومن هنا على المربيين والمرشدين والوالدين أن يعملوا بكل قوة ووسلية على الاهتمام بالأولاد منذ فترة الصغر؛ حتى ولو تعرضوا لمواقف سلبية كبيرة عليهم أن لا يخافوا من التواصل معهم كي لا يصبحوا منعزلين فيكونوا في المستقبل كالشخصية المتنمرة أو المجرمة أو الناقمة على المجتمع.
وعلى الراشدين أن يعملوا على تكوين برامج توعوية ورعاية بين فترة وأخرى للأولاد، وأن يهتموا بمعرفة كيفية حل مشاكلهم قبل أن يكبروا بالعمر وبعد ذلك يصعب علاج تلك المشاكل التي تكون بسبب الخوف من التعامل معها منذ فترة الصغر أو عدم العلم بها، كالمشاكل التي تشمل تعاطي المخدرات والإدمان على الكحول والإيذاء النفسي والجسدي للآخرين.