ديمةٌ حُبلى
ساقتِ الألطافُ أم رُسلُ العذابْ
ديمةٌ حُبلى ولا تُلقي العُباب
غضةٌ موارةٌ في مَشيِها
والتضاريسُ سُهولٌ وهضاب
وعيونٌ سِحرُها طاغٍ بها
تكشف الأسرارَ مِن خَلفِ الحِجاب
سَرَقَت قَلبي فَلَم أعبأ بِهِ
لم يَعُد لِي نبضُهُ ذاكَ المُجاب
بَينَ إقبالٍ وإدبارٍ لها
حُسنُها يُسرِفُ في كَيلِ العَذاب
بَينَ بَينَين فَلا وَصلٌ لها
يُرتجَى خيراً ولا أرجُو الغِياب
بَينَ مَوتَينِ حَياةٌ ضُيِّعَت
مَيِّتٌ يَحيَى لإنهاءِ العِقاب
أَدلَجَ الليلُ وَقَد وَدَّعتُهُ
مُطرقاً إطراقَ مَن يَرجُو الإيَاب
لِيَ كَم هَمِّ أُوارِيهِ بِهِ
أُشعِلٌ الظَّلمَاءَ فِي ذَاكَ العُباب
لا تَلُم وِسعِي فَقَد بَدَّدتُهُ
وَانتَهَى بَينَ سُيُوفٍ وحِراب
نَفَضَت كَفَّيَّ باقِيهِ سِوى
بَعضَ كأسٍ بَاردٍ لِي وَشَراب
سَكرةٌ تُنسِي خَطايايَ وَإِنْ
لَم تَكُن لِي زَلَّةٌ تُبدِي العِتَاب
فَأَرانِي بَعدَهَا ماضٍ عَلى
جِدِّ دَربٍ يُرتَجَى مِنهُ الثَّواب
قَد جَنَى الجَانِي على أَطلالِهِ
ذَلِكَ العَقلُ الذي يَهوَى السَّرَاب
لَستُ أدري مَا بَدَى لِي عندما
ضَيَّقَت جُدرانَها تِلكَ الرِحَاب
لستُ أدري ما الذي قدَّمتُهُ
خطأً كانت فِعالي أم صَواب
كُلُّ شيءٍ لا لِشيءٍ إِنما
قدرٌ شاءَ وإبرامٌ أَجاب
لَستُ أشكُو قَدراً ضَلَّ فَهَل
أَنصَفَ المِيزانُ مِن قَبلِ الحِساب
قَد تَهَيَّئتُ بقلبٍ فَارِغٍ
وعيونٍ سَحُّها سَحُّ السَحَاب
كَلَّمَا رَانَ عَلَى وَجدِي الأسَى
غالبَ الصَّبرُ لِيَشتَدَّ الخِطَاب
بين بُعدَين كَيانّ مُتلَفٌ
بَينَ ماءِ النارِ أو ماءِ القِراب
كُلَّما لاَحَ لِعَينِي بَازِغٌ
فِي دُجَى الليلِ تَعرَّانِي اِرتياب
هل ثَنى الليلُ سريعاً ثوبه
أتوارى معجلاً خلف الغياب
لِيَ عُمرٌ كلما خَاتَلته
أرجَفَ العمر وابدى لِي اِضطراب
لَمْ يَعُد لي ما أُوارِيهِ بِهِ
غَيرُ إدمان اِلتذاذٍ بالعذاب
قد تداعيتُ اصطِباراً فَمَتى
يَهطلُ الغَيبُ دعاءً مُستَجاب
دَاخَلَ اللَّيلَ نهارٌ فانتهى
لِي وَميضُ النَّجمِ يُبدي لِي الجواب
راقِبِ الناسَ حَيَارى كُلُّهُم
لا تَغُرَّنكَ ابتساماتُ الغِضَاب
كُلُّهُم يَبكِي عَلَى جَنبٍ لَهُ
قَهقَهاتُ الحُزنِ دمعُ فِي ثِياب
أَوَلَيسَ اللَّهوُ يُلهي عن حِجىً
فانتَهِز غَمرَةَ وَجدٍ باللُباب
لا تَبِع حُزناً ولا تَشرِي بِهِ
رُبَّ كنزٍ خَالَهُ المرءُ تُراب
كُلَّما جادَ على الجَنبِ فَقُل
هكذا تُبنى أساساتُ الجَناب
ثِقَلُ الحِملِ رَسولٌ وَحيٌهُ
لايُضيعَنكَ ذهابٌ وإِياب
أَولَيسَ اللهُ كافٍ عَبدَهُ
أَلِغَيرِ الله تَمتَدُّ الرِّقاب
كَفكِفِ الدَمعَ فَقَد واسَيتَهُ
قَلبُكَ الرَّانِي ضَياعاً واغتراب
فَلِمَ الشَّكوَى وكُلٌ هَالِكٌ
كل شيء واحدٌ تَحتَ التُّراب
✏️منصور يحيى
26 ديسمبر 2022