الفرج سيأتي وإن طال
الحياة متعبة تحتاج إلى قلم يرسم للآخرين البسمات، الحياة مليئة بما يكدر، فلنكن ممحاة تمسح أتعاب الآخرين. لا تنتظر مقابلًا عما تفعل، ولتجرّب الحكمة التي تقول: ”كما تدين تدان“، فإذا رميت الخير بحرًا، فثق أنّ الله سيرده لك أضعافًا، سواءً في سمكة تحمل في جوفها جوهرة عند أول رمية شباك؛ كما في حكاية جوهرة الصياد الشهيرة، أو بطرق مجهولة لا تتوقعها، الخلاصة أن الخير سيأتيك ويطرق عليك بابك أو قد يقتحم عليك الدار دون استئذان.
لو كانت الحياة قائمة على معادلة: ”أعطني؛ لأدفع لك“، لخلت الأرض من أوجه الخير ووجوه أهل الإحسان، إلا أنّ الأرض لن تعدم بركتها، كما أنه لن تعدم وجوه أهل الخير والأيادي البيض المعطاءة، صحيح أنّ التراب غيب الكثير من الجواهر البشرية، إلا أنّ الله نثر رحماته في فضاءات هذا الكون الفسيح ولا يزال البشر يتنفسون الرحمات والفيوضات حتى في أحلك الظروف، فحين يستيئس الصبر منك بحلول الفرج، تبسم ملأ اليقين وقل: ”ها قد سدت الأبواب في وجهي يا إلهي، فمن أيّ باب سيأتني منك الفرج الذي وعتني به؟“..
قد يقول قائل ران على قلبه ما ران؛ إنها مجرد إيمانيات تفرقع في الهواء جزافًا دون طائل، ربما يرى البعض ذلك ربما، لكن المهم أنّ الأزمات قد حلّت بالفعل من قبل باب الغيب، فبماذا نفسر ذلك؟، إن في هذا الكون لطف، أرأيت كيف تحولت البذرة الصغيرة إلى زهرة متفتحة فواحة؟، أما رأيت كيف تسللت الجذور في أطناب التربة القاسية وارتفعت إلى السماء تفاريع الشجر؟!، أما رأيت الأرض القاحلة الجرداء اليباب كيف اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج حين أغاثها الله بالمطر؟، أليس في هذه النبتة الضعيفة آية، تقول لنا بلسان طلق ذلق: ”بلى، إنّ الله على كل شيء قدير“؟!.
وَكَم لِلّهِ مِن لُطفٍ خَفيٍّ
يَدِقُّ خَفاهُ عَن فَهمِ الذَكيِّ
وَكَم يُسرٍ أَتى مِن بَعدِ عُسرٍ
فَفَرَّجَ كُرْبَة القَلْبِ الشَجيِّ
وَكَم أَمرٍ تُساءُ بِهِ صَباحًا
وَتَأتيكَ المَسَرَّةُ بِالعَشيِّ
إِذا ضاقَت بِكَ الأَحوالُ يَومًا
فَثِق بِالواحِدِ الفَردِ العَلِيِّ
وَلا تَجزَع إِذا ما نابَ خَطبٌ
فَكَم لِلّهِ مِن لُطفٍ خَفيِّ؟