التضييق على الآخرين
عن الإمام علي : ”سبب الفتن الحقد“. ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 1 - الصفحة 648
تعرف الشخصية الحقودة بالإنسان الذي يسعى إلى إفساد العلاقات بين البشر لأنه يتلذذ بإيذاء من حوله بأي وسيلة، وذلك من خلال إيقاع من يبغضهم ويكرههم في مشاكل، كي يحقق مصالحه ويرضي ذاته المريضة التي لا ترغب برؤية الناس مرتاحين ومطمئنين، وتختلف كل شخصية عن أخرى في ناحية الأذى والوسائل الإجرامية التي يستخدمها ذلك الشخص العدواني والخبيث الذي لا يتمنى لمن حوله الخير والسعادة أبدا.
على سبيل المثال، نذكر موقف لهذه العينة البغيضة التي قد تتوجه بسبب الحقد الشديد للنيل من الناس بهدف إيقاعهم في خلافات مع غيرهم، فعندما ترى أناس يحاولون مثلا إصلاح مشكلة بين متخاصمين في علاقة محددة ترى بكل قوة أن ذلك الإنسان الحقود يريد بأي طريقة أن يخلق الفتنة بين شخصان متشاجران في الحياة الاجتماعية، وقد تجده يحوم في مواقع التواصل الاجتماعي أو المجالس أو مكان العمل، وغيرها من أماكن أخرى تعطيه القدرة على بث أحاديثه المريضة.
ومن تصرفات تلك الشخصية الكريهة هو أن لديه حركات وسخة كالتي تشمل الغيبة والنميمة ونقل الأسرار بين من حوله ليشجع الآخرين على نشر الفساد الاجتماعي والبغض في النفوس إلى أن يتمكن من تكوين جماعة إجرامية تساعده على النيل من كل شخصية بشرية يكرهها ويبغضها على أرض الواقع أو برامج التواصل، وهذه الحالة المستعصية بسبب سوء النية التي يحملها في داخله فهو لم يفكر في حياته أن يصلح مشكلة معينة بل لا يسعى للتفكير في مساعدة الآخرين لأنه أناني جدا ويخاف على مصالحه الشخصية بشكل مبالغ فيه.
وعندما تتطرح رأي وتتكلم عن هذه الشخصية ترى منها ردود أفعال عنيفة لأنها لا ترضى أن يوجه لها أي شخص نقد أو انتقاد، ولكن في جانب آخر هي تريد أن تنتقد وتعتدي على من حولها من غير الالتزام بأي قانون أو نظام اجتماعي له هدف في جعل كل طرف يعبر عن رأيه بكل أريحية دون أن يتم المساس بكرامة من يسعى لفتح طريق الحوار والنقاش وحل المشاكل بهدوء، بعيدا عن العصبية المبنية على ممارسة الإقصاء تجاه كل فرد يريد أن يعمل تهدئة خلاف سواءا كان في الحياة الاجتماعية أو بين أصدقاء محددين أو جماعة معينة.
وعكس الشخصية التي تسعى لإيقاع الآخرين بالمشاكل هي تلك الشخصية الطيبة التي لا تضيق على الناس في الوصول لتحسين الأوضاع عندما يتعرضون لمواقف صعبة، بل تسعى هذه العينة الطيبة لإخراج الآخرين من الحفر العميقة المليئة بالأشواك لأن لديها نية حسنة ولا تتمنى للآخرين أن يعيشوا في ضيق ومشاكل فهي تتمنى لهم الشعور بالسكينة التي لا تخلق فوضى ومعاناة النفسية سيئة يكون الغرض منها صب الزيت على النار بغرض التفرقة والتباعد بين الناس أو جيل الشباب.
لذا على الإنسان أن يكون للآخرين سند ويشاركهم في الحياة الثقافية ويواسيهم ليخفف عنهم الضغوطات النفسية والتوترات التي تسبب لهم أذى معنوي وتعب يؤدي لجعل كل طرف يشعر بالاحباط واليأس عندما يواجه ويستقبل ذلك الإنسان الحقود الذي يعيش في الحياة العامة، من أجل التخريب والعبث بالنفسيات والأمزجة ليسيطر على الأفراد على حسب طريقة التسلط والأساليب الوقحة الذي يتبعها لتدمير جهود الأشخاص المحيطين به، وأحيانا تكون لدى هذه الشخصية موقع قيادي أو نفوذ اجتماعي قوي مما يسهل عليها ذلك أذية من حولها بشكل كبير.