التسامح طريق للعيش بسلام
عن الإمام الصادق : " لا تكون الصداقة إلا بحدودها، فمن كانت فيه هذه الحدود أو شئ منه، وإلا فلا تنسبه إلى شئ من الصداقة، فأولها:
أن تكون سريرته وعلانيته لك واحدة، والثانية:
أن يرى زينك زينه، وشينك شينه، والثالثة: أن لا تغيره عليك ولاية ولا مال، والرابعة: لا يمنعك شيئا تناله مقدرته، والخامسة - وهي تجمع هذه الخصال -: أن لا يسلمك عند النكبات ". ميزان «الحكمة - محمد الريشهري - ج 2 - الصفحة 1589»
تصف النقيصة الخصلة السيئة الموجودة في شخصية كل إنسان بغض النظر عن تواجد الصفات الإيجابية التي تعطي الشخصية البشرية القدرة على التعامل مع الناس بالطريقة الجمالية التي يظهر منها الحديث والكلام الطيب وأسلوب المعاملة ومستوى السيطرة على الأعصاب ومشاعر الغضب والكراهية عند لحظة التعرف على إنسان غريب أو جديد على الطرف الثاني ومثلا يحدث ذلك في الحياة العامة أو الاجتماعية.
ولكن في جانب آخر عندما توجد نقائص في كل فرد يسبب هذا الأمر مشاكل في العلاقات والصداقات ويؤدي للصعوبة في حل المشاكل بين الطرفين، بالأخص عندما لا يتقبل الآخر تلك النقيصة الموجودة في هذا الإنسان غير الكامل في الصفات والإيجابيات والتصرفات الطيبة، فكل إنسان يعاني من هذه النقائص التي تجعل الآخرين يرون الصورة السيئة لشخصية الآخر دون القدرة على معالجة النقائص بين كل طرف.
وفي هذا المجال هناك طرق تساهم في معالجة هذه الخصال الوقحة، وذلك من خلال فتح طريق الحوار والنقاش بين كل طرف وإعطاء الفرصة لكل شخص بأن يتحدث بكل أريحية عندما يرى تصرف من قبل صديقه يسبب له الشعور بالعصبية والمضايقة، هذه النقيصة تجعل الشخصان الذي دخلا في علاقة يخافان من التعبير الصريح والبوح عن المشاعر الحقيقية بينهما.
من هنا أن الصراحة في العلاقات والصداقات مهمة لأنها تبين للآخر الحركات والتصرفات التي لا تعجب الطرف الثاني، ومثلا يستطيع أحد الأطراف أن يقول للآخر: أنا لدي محبة كبيرة تجاهك ولكن هناك تصرف محدد تقوم به أنت وهو يضايقني ويجعلني أتوجه للتفكير في قطع العلاقة معك بسبب عدم تعديل هذا السلوك السيئ الذي يسبب لي تعكير مزاج.
ويمكن التحدث بهذا الكلام المحبب بطريقة هادئة ولطيفة دون التهجم على شخصية الآخر بهمجية وعدوانية فالهجوم المرتد يجعل الصداقة معرضة للانقطاع والخسارة نتيجة عدم معرفة كيفية إستخدام فن الاتيكيت المبني على تحسين الخصال السيئة وذلك بأن يتم إصلاحها، كي تكون في الخانة الحميدة التي تجعل كل طرف مقتنع وراضي عن ما يصدر من الآخر بكل سعة صدر وتقبل.
إضافة إلى ذلك، على كل شخص أن لا يتوجه لحالة الهوس بالمثالية والكمال عندما يستقبل إنسان جديد أو غريب بل يحتاج ذلك لفترة طويلة من العشرة، من أجل معرفة شخصية الآخر بصورة واضحة تؤدي للقدرة على التعامل معه دون التفكير بحالة المثالية التي تجعل الإنسان يعتقد أن العلاقة التي دخل فيها ستكون على حسب مزاجه وهذا أمر خاطئ طبعا.
وهذا النوع من التفكير هو السبب في تدهور وفشل الصداقات في حال الافتقار للمصارحة أو التوجه للتوقعات العالية بشكل مبالغ فيه والتي ينتج عنها رؤية حالة الارتباط بالهوس بأن الآخر سيكون في أول لقاء وحديث يخلوا من العيوب والنقائص الإنسانية.