خليل الفزيع والقراءة
بينما توجه أقرانه إلى جوانب تجارية ووظيفية متنوعة بعيدًا عن عالم الفكر والثقافة والكتابة في خمسينيات القرن الميلادي الماضي؛ فقد كان هذا المجال هو ما يستهوي الأستاذ خليل الفزيع منذ طفولته وصغره. فقد أحب عالم القراءة والكتابة، وتنقل من بلد لآخر من أجلهما رغم أن الجو العام في المجتمع آنذاك كان منصرفًا عن القراءة باتجاه أمور أخرى. وحين كان والده «رحمه الله» يذهب كل خميس إلى سوق الخميس في الهفوف من قريته «آنذاك» الجشة، كان يطلب منه شراء كتاب أو مجلة مناسبة له من السوق. وقد كان والده «الذي كان لا يجيد القراءة أو الكتابة» يتجاوب معه ويحضر له نصيبه منها؛ مثل مجلة سمير أو أحد الكتب الخاصة بالأطفال. وقد كان هذا الطفل الطموح ينتظر يوم الخميس من كل أسبوع ليحظى بهديته القيمة، التي كان يغذي بها فكره، والتي ساهمت في تحديد مسار حياته المستقبلية رغم أن أغلب المحيطين به كانوا منصرفين عن القراءة.
بدأ عمله الصحفي «عام 1961» في جريدة الخليج العربي التي كانت تصدر في الخبر، ثم في جريدة اليوم «عام 1965»، وتولى رئاسة تحريرها على فترتين لعدة سنوات منذ عام 1984، إضافة إلى فترة ثالثة مكلّفًا.
يقول في لقاء معه «جريدة الرياض 13 يناير 2022م» إن اهتمامه بالكتب بدأ منذ كان في المرحلة الابتدائية، وقد انضم آنذاك إلى جماعة المكتبة مستغلًّا الفسح وحصص الفراغ في قراءة كتب المكتبة المدرسية، حين كان طلاب آخرون تستهويهم الألعاب الرياضية.
يقول الفزيع إنه بدأ تأسيس مكتبته منذ أكثر من ستين عامًا، وقد دعمه والده في ذلك، وكان يزور كثيرًا من معارض الكتاب العربية والمحلية من أجل اقتناء الكتب الجديدة. وعندما زرته في مكتبته العامرة في الدمام وجدتها تحتوي على آلاف الكتب تزينها صور له مع كبار الشخصيات السياسية والأدبية العربية والعالمية التي التقاها وأجرى معها حوارات، ويَعدُّها مكانه المفضل الذي يرتاح له؛ قال لي إنه لا يهوى جمع الكتب من أجل جمعها، فلطالما تبرع بأعداد منها إلى من يعتقد أنه بحاجة أكبر إليها.
ويرى الفزيع أن القراءة: حياة جديدة للقارئ، وسفينة فائقة السرعة يمكنها أن تنقل الإنسان إلى شواطئ وجزر جديدة لم يكن يحلم بارتيادها ولكن القراءة حملته إليها، ليعرف ذلك المجهول ويتمتع به، بعد أن تكشف القراءة تفاصيل ذلك المجهول بكل دقائقه وخفاياه «جريدة الرياض - 13 يناير 2022م».
وقد كتب عنه عدد من الأدباء والكُتّاب، منهم الكاتب الكبير رجاء النقاش، حين قال في مقال له نشر في كتاب «الفزيع وعالمه القصصي لجاسم الجاسم»: يحمل قلمًا عنيفًا قلقًا، لا يتردد في الكشف عن خبايا النفس والمجتمع، وتلك هي إحدى صفات الفنان الحقيقي. وقال عنه الشاعر الكبير الأستاذ جاسم الصحيح في مقال «الأستاذ خليل الفزيع مؤسسة ثقافية من رجل واحد»: وكأنه لم يكن ليصبح في مكانته الثقافية التي هو عليها الآن لو لم يكن قارئًا مكثفًا.
استطاع أن يكتب عددًا كبيرًا من الكتب رغم انشغالاته الإدارية في عدد من الصحف، ومنها: «أحاديث في الأدب» مقالات، «الساعة والنخلة» قصص، «أفكار صحفية» مقالات، «إطلالة على مشارف الزمن» مقالات، «فصول في عشق الوطن» مقالات، «تقاطع الأسئلة» في الفكر والثقافة، «قال المعنّى» ديوان شعر، «وشم على جدر القلب» ديوان شعر، «فضاء الكلمة» في الثقافة والأدب، «عندما تتشظى الأشواق» ديوان شعر، «للمليحة ينهمر الحنين» ديوان شعر، «في دائرة الإبداع: أديبات وأدباء من قطر»، «ما بين الرمح والقلم: فصول في الثقافة»، «حادي العيس» ديوان شعر، «النعاثل»، وأصدر مؤخرًا روايته «بلال وبعض التفاصيل»، ولا يزال يكتب حتى الآن رغم تجاوزه العقد الثامن من عمره.
كما كُتبت عدة كتب عنه، منها: «الفزيع وعالمه القصصي» إعداد جاسم الجاسم، «الفزيع بين الأدب والصحافة» تأليف الدكتور محمد صادق العفيفي، «خليل الفزيع والشعر» لعدة مؤلفين عن مؤسسة دار الرحاب اللبنانية، «لقاءات صحفية مع خليل الفزيع» للكاتب محمد علي الخلفان.