القطيف للإنجاز قمر 14
عرسٌ اجتماعيٌ يتجاوز حدود الشكر والثناء، إذ أشرقت الابتسامات ممتهنةً بكل دقةٍ وحرفيةٍ ما يجول في قلب القطيف كل القطيف.
الأستاذ سعيد الخباز " أبو رمزي " كان خيمةً مكيفةً بحجم القطيف وأكبر بل وأكثر، عبقةً بعطر الحب والعطاء، تلألأت فوانيسها البهية على المنطقة كاملةً، وغناؤها يطوق ويصدح في أرجاء الوطن، صداه يمتد ويمتد أبعد وأبعد.
أعمدةُ تلك الخيمة وقفت في ليلةٍ العرسِ مصافحةً و مرحبةً، تناست خلف أكتافها سهراً وعملاً أمتد لشهور انصرمت فحانت لحظة القطاف.
أوتادها ملونةٌ شدت العزم، تلوح للعابرين ها هي القطيف ترتل لحنها المتميز برائحة النخل والبحر وحبر التميز والإبداع والإنجاز.
ولكل شيءٍ إذا ما تم نقصان، بالجوانب الإيجابية نشيدُ ونصفق، ونزيح عقال الكبرياء، وفي الجوانب السلبيةِ نناقشُ ونحللُ وإن اختلف الرأي إلا أن الكل متفق – بكل حب وود - على أهمية المشروع وجماله ووجوب ديمومته والدوام لله.
الوقوع في الخطأ محتملٌ في أي مشروع صغير، فكيف بنا نقف على مشروع بحجم هذا العرس الكبير والمهم.
والمصيبة لا تكمن أن نقع في الخطأ، المصيبة الأكبر أن يكرر الخطأ ذاته وبشكلٍ أكبر، فما كان عرس 2009 بحجم 2010 إذا بلغ عدد المرشحين لجائزة 179 مرشح ومرشحة. ووقوع الخطأ يحيط بعدد اكبر، وعليه أتناول بعض النقاط وقد اغفل عمداً حيناً، وسهواً حيناً آخر بعض النقاط، وما تعمدت إغفاله ينصب اغلبه في الأمور التقنية للإخراج والإضاءة وغيرها .. إذ لها مراقبوها والمهتمين بها.
ومن المؤسف أن بعض الأخطاء تم الحديث عنها مسبقاً من قبل بعض المهتمين مع القائمين على الحفل، ولا اعلم سر التمسك والتفرد بالرأي، إلا أنه من المعلوم إلى أين يوصل !
أدرج ما لفت انتباهي على شكل نقاطٍ لا تخلو من بعض التفاصيل :
1- التخصص ، وقد أفتقر إلى التصنيف الدقيق في أغلب المجالات المقدمة. إذا أخذنا مجال الفن على سبيل المثال، وبحكم العدد الكبير للمرشحين فيه نجده منقسمٌ حد التباعد والتشتت إلى أقسام عدة ( الفن التشكيلي – إنتاج الأفلام – التمثيل – الإخراج – تصميم المجوهرات – تصوير فوتوغرافي – النحت ، النقش، الجرافيكس ...) الأمر الذي أوقع المرشحين في حيرة من ناحية، وتخبط القائمين على من ناحية، ويشمل ذلك لجان التحكيم، ففي أي عمل ونوع تنظر وتقيم ؟
وأي عمل ونوع يستبعد وقد لا ينظر إليه.
الأمر ذاته في الأدب ( الشعر " بأنواعه وأشكاله " – القصة " بأشكالها وأنواعها " – الرواية – المسرح – مقالات وخواطر ... )
2- تأجيل ما لا يؤجل : حمل مسمى العرس " جائزة القطيف للإنجاز " وقد تقدم في الموسم الأول من يستحق التكريم على مستوى الوطن، لا القطيف فحسب، الشاعرة أمل الفرج - على سبيل المثال - قامة شعريةٌ أبعدت عن منصة التتويج في 2009، دون وضوح وشفافية من قبل لجنة التحكيم وصولاً إلى القائمين على الحفل يبين سبباً واضحاً لذلك الاستبعاد، وإذا كانت الفائزة في ذلك العام، مع كل احترامي وتقديري لها - متمنياً قراءة حروفها - تستحق التتويج، فما المانع أن تكون الجائزة والتتويج مناصفة مع الشاعرة أمل الفرج، كما حدث في جانب الرجال، رغم أنه يعد إجحاف في حقها وتجربتها الشعرية، وعليه لم يعد مجال لاستبعادها في 2010 فكان من الجلي والواضح لكل متابعٍ لمجريات الجائزة تتويجها هذه المرة، ولا أعلم إن كانت هناك أسماء أُجلت عن التتويج في الموسمين المنصرمين، ليتم تتويجهم في 2011 أو 2012 ؟
همسة خارج النص، مبارك لكِ يا " قدر الحناء " وتستحقين المزيد.
3- تجاهل على المكشوف : هذا ما حدث وعلى وجه الخصوص في تخصص الأدب والفن، وقد أثبت بقصدٍ أو بغير قصد من قبل المحكمين والتقارير المصورة، فما إن عرف أن الشعر نصيب النساء، عرف أن الرواية نصيب الرجال!
وما إن عرف أن التشكيل نصيب السيدات، عرف أن التصوير الضوئي نصيب الذكور.
تحدث المحكم في تخصص الأدب للرجال عن الرواية والقصة فأثبت تجاهل اللجنة والقائمين للشعر. وتحدث المحكم في تخصص الأدب فرع السيدات عن الشعر مكثراً ذكر الشاعرة أمل الفرج فعرف أن التجاهل كان نصيب الرواية والقصة.
في الفن، تم الحديث عن التصوير الضوئي والتشكيل وعرف من مجريات الحديث إقصاء بقية الأعمال المقدمة.
السيناريو ذاته حدث في 2009، توج الجميلين الحمادي وآل غريب في مجال الشعر مناصفةً، فكان نصيب الشعر مقفراً في الضفة الأخرى. إذ توجت الرواية في الضفة الأخرى، وأجحفت الرواية والقصة في ضفة الرجال، والحال ذاته في الفن.
ولا أعلم إن كان سيكرر ذات السيناريو في 2011 أم لا وعليه إذا قرر تكراره، أُوجب إخطار من ينوي المشاركة في الترشح بأنه سيقصى سلفاً، حتى لا يجهد نفسه في نسخ " سي دي " أو تقديم شيء مطبوع، فمن قدم لهذا العام في الشعر مثلاً من المرشحين لم يلتفت لما قدمه، ومن تقدم بفلم أو مسرحية لم ينظر له أيضاً ... وكان الأمر واضحاً لا لبس فيه للأسف، وكم تمنيت أن يكون للبس وطنٌ حينها.
أو ربما يكون الدور في العام المقبل على الفلم والمسرح والقصة وما لم يأتي عليه الدور بعد، وتُعد مفاجئة وما أكثر " المفاجئات " !
4- عمل الفرد مقابل عمل الجماعة : ولا أعلم كيف يساوى مجهود فردي بآخر تقدمه مؤسسة أو منظمة تعنى بذات المجال، هذا ما حدث في الموسمين، ومن الجلي أن عمل مؤسسة أو منظمة بكل ما تملك من إمكانيات وجهوزية لا يجوز مقارنته بعمل فردي، بل يقارن بذات الصنف.
5- المعيار العلمي والشفافية : لكل عمل يخوض غمار المنافسة معايير دقيقة توضح أسباب الفوز، أسباب الخسارة.
في جائزة القطيف للإنجاز وفي موسمين متتاليين غابت المعايير وفقدت المواصفات !
توجت أعمال لم يتعرف الجمهور على ما تضم، ولم توجت، وعلى أي أساس، ولم غابت واستثنيت الأعمال الأخرى، حديثنا عن الإنجاز، وليكن انجازاً وفق معايير وشروط، هذا ما عرف في كل مسابقة أو عمل يشابه جائزة القطيف، كما يفضل تقديم تقرير عن كل عمل فاز يوضح استحقاقه للفوز، وعليه أستذكر ما قاله أحد المرشحين من مقترح جميل، بأن يفتح في المواسم القادمة صالة خاصة لعرض ما قدمه المرشح للجائزة، حتى يتعرف عليه الحضور الكريم.
إلا إذ كان مسمى " جائزة القطيف للإنجاز " غير دقيقٍ ومطابق للمواصفات والمعايير فعليه أقترح تغيير المسمى ليتوافق مع ما يراد منه.
6- الحيادية ومشتقاتها : شعارٌ يدوي في تلك الليلة، هذا ما يتمناه الجميع، وحتى لا يقع أحدٌ في لبسٍ يؤجج ويثير، لا تكمن الحيادية في تأجيل إعلان الفائزين والمحافظة على سرية النتائج حتى وقتها المحدد فقط، بل تكمن الحيادية في إقناع الجميع أنها حيادية. في حديثٍ لي مع بعض الأصدقاء قُبيل ليلة العرس قلت لا يهم أن يكون الفوز نصيب فلانٍ أو فلان أو فلانة وفلانة، المهم أن يكون الفائز يستحق الفوز ليرتبط ذلك بمسمى ومفردة الإنجاز، لا تكمن الحيادية في أن يفوز أسمٌ يحمل من الشهرة ما يحمل، أو أن يفوز أصغر المرشحين، حتى يبين للجميع أن لجنة التحكيم والقائمين على الجائزة لا يهمها شهرة المرشح أو عمره، وهنا وقوعٌ في خطأ جسيم ينأى عن الحيادية ومصطلح الإنجاز!
7- لجنة التحكيم : يحمل وطننا الغالي الكثير من الطاقات الصالحة للتحكيم وعرض المواد المقدمة للنظر إليها وترشيحها بمقومات أكاديمية وعلمية، القائمين على الجائزة عرجوا إلى مصر والبحرين وسوريا ... بحثاً عن محكمين أكثر نزاهة ودقة في التحكيم - حديثي ليس قدحاً في لجنة التحكيم وما قالوه - رغم أن ما قالوه في مجمله حديث عامٌ بعيدٌ عن الدقة والنقد العلمي.إنما المطلوب ممارسة دور التحكيم بشكل لا يخلو من التوجيه والتصنيف من جانب، وإشراك ما لا يقل عن ثلاثة محكمين لكل تخصص من جانب أخر، تختلف نظرتهم وتوجهاتهم الفكرية والعقدية تجاه المواد المقدمة، ففي الفن من الأكاديميين والنقاد والمهتمين من يمقت المسرح ويفضل السينما مثلا، ومنهم في الأدب من يرى الشعر القديم ويكفر بالحديث، ومنهم من يرى الرواية بجانب علمي بحت ومنهم من يبصرها بجانب أدبي يواكب ما وصلت له الرواية الحديثة ...
ختاماً :
جاء في شروط التقدم للجائزة :
" يتعهد المرشح على عدم الاعتراض على قرارات لجنة التحكيم، ولا يسيء لها، أو للجنة المنظمة، أو الجائزة بصفة عامة. "
في هذا الشرط العائم مكثت متأملاً بعض الشيء، متمنياً أن لا يُحمل مقالي محمل سوء، فما رجوته هو الخير ومواصلة الدرب بخطى أكثر ثباتاً وتمدناً وتحضراً وشفافية. دون إقصاءٍ للرأي والرأي الأخر، وأبعاد ثقافة تكميم الأفواه.
مقترحاً وداعياً القائمين على الجائزة إلى إقامة ليلة مسامرة ومناقشة مع المهتمين والجمهور والمرشحين. والأخذ والرد بكل حب وصفاء لتتضح الرؤى أكثر ولكي لا ينتهج الأسلوب الغير واقعي في النقاش والعمل.
أبارك للقطيف هذا المنجز الجميل
أبارك للقائمين عليه فرداً فردا
أبارك للفائزين متمنياً لهم مزيداً من الإبداع والتألق.
أبارك للمرشحين والمرشحات فالتقدم للجائزة كان للقطيف بالدرجة الأولى وليرتفع رصيدها الحضاري والثقافي في سماء المنطقة أكثر وأكثر.