سعادة مجانية

ثَمَّة رابطٌ متين يربط بين مفرداتٍ دائمة التكرارِ على ألسنة الناس وهي: الإنجاز والرياضة البدنية والعناق والفخر، وهي حبلٌ حلقاته محكمةٌ متناسقة تجذبنا إلى عالمٍ طالما حلمنا بأن نعيش فيه وننتمي إليه، هو عالمٌ غير مادي وليس مرئيًا، نراه بقلوبنا ونحسه بمشاعرنا، إنه عالم السعادة.

بكل بساطة ودون الدخول في أي تعقيدات فإنه يمكننا الحصول على السعادة من خلال ذلك الرابط إن نحن قمنا بجميع مكوناته وعناصره، وكلما سلّحنا ذلك القيام بأداتي الشغف والاحترافية تجرعنا كمية أكبر من هرموناتها الرائعة، وأي هرمونات أجمل من هرمونات السعادة!

يفرز دماغ الإنسان هرمونات أربعة تمدنا بالسرور والبهجة وبالتالي نشعر بأننا في خانة السعداء، تلك الهرمونات مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بذلك الحبل، فإن نحن أنجزنا فسينطلق من أدمغتنا هرمونًا نشعر معه بالسعادة، وإن مارسنا الرياضة البدنية فسينطلق هرمون آخر، وإن عانقنا مَن نحب من أهلنا وأصدقائنا فهنالك هرمون ينتظر تلك اللحظات لينطلق إلينا مسرعًا؛ كي يمنحنا جرعة من السعادة، وإن أعطينا وزاد عطاؤنا فسيأتينا الهرمون الرابع ويكافؤنا، ومكافأته ليست أموالًا بل سعادة يمنحنا إياها.

وعلى عجالة ودون أن نُفَصَّلَ، سنذكر بعضًا من المعلومات المختصرة عن هذه الهرمونات، وهي كالتالي:

- هرمون الدوبامين:

يتم إفرازه حينما نقوم بأي إنجاز، لذا علينا أن ندون إنجازاتنا اليومية التي سنقوم بها، وكلما انتهينا من واحد منها نضع بجواره علامة تدل على إنجازه، بعدها سيقوم الدماغ بدوره بإفراز الدوبامين أو ما يسمى بهرمون المكافآت، لنشعر بعدها بالفرح والسعادة. وكلما أنجزنا أكثر فسنحصل على جرعات أكبر.

- هرمون الإندروفين:

يتم إفرازه حينما نمارس الرياضة البدنية، فيعمل كمسكن للألم في عضلاتنا، فنشعر بعدها بالنشوة وبالتالي نحصل على جرعة رائعة من السعادة.

- هرمون الأوكسيتوسين:

هو هرمون العناق، فحينما نعانق أطفالنا أو من نحب فإن دماغنا يقوم بإفراز هذا الهرمون، فيأتينا حينها - بسلاسة - شعور السعادة والبهجة.

- هرمون السيروتونين:

يقوم الدماغ بإفراز هذا الهرمون حينما نقوم بسلوك نشعر معه بالفخر والاعتزاز، وعلى سبيل المثال: عندما نعطي الآخرين سنشعر بعدها بالفخر وبالتالي سنحصل على جرعة من جرعات السعادة ويكون مصدرها هذا الهرمون.

هذه الهرمونات الأربعة تجعلنا نتمسك بذلك الرابط، ونشد بأيدينا على ذلك الحبل، فنقوم وبكل حماسة بتلك الأمور جميعها، فنجعل الإنجاز من سلوكياتنا، والرياضة البدنية من عاداتنا، والعناق من أساليبنا، والفخر من تصرفاتنا عندما نقوم بالعطاء للآخرين. وكل ذلك في نهاية المطاف سيصب في مصلحتنا؛ لنحصل على السعادة التي طالما بحثنا عنها ورغبنا أن ننتمي إلى عالمها.

سعادة مجانية لا تكلفنا شيئًا، ولكن علينا أن نتعود على القيام بكل ما يوصلنا إليها، وأن نعيد برمجة وصلاتنا العصبية في أدمغتنا وهي ما تسمى بالمرونة العصبية والتي تربط بين الخلايا العصبية؛ مما يؤدي إلى إفراز تلك الهرمونات «هرمونات السعادة».