علاج فتور القراءة
عندما سألني أحدهم عن فتور القراءة لديه وهل هو طبيعي ويحدث للجميع؟ أجبته بنعم ولا في نفس الوقت. فهو قد يحدث للجميع لكن الفارق هو مدى تكرار ذلك، ومدة الفتور، معتمدًا على ما أسميه «لياقة القراء» التي تعني القدرة على القراءة تحت مختلف الظروف مع استيعاب المقروء. لكن الأهم في قصة الفتور هو عدم الاستسلام، وعدم اعتبار ذلك قَدَرًا لا يمكن تجاوزه؛ لأنه ليس كذلك بالفعل.
وتشبه حالة فتور القراءة الفتور الذي يصيب الإنسان في مختلف جوانب حياته؛ مثل فتور العلاقة الزوجية، أو فتور العلاقة بين الأصدقاء، أو حتى فتور أو انعدام الرغبة في العمل بنفس الحماس الذي كان في بداياته، بل لربما دبَّ الفتور لدى البعض حتى في بعض العبادات؛ وكما قيل ”إِنَّ هذِهِ الْقُلُوبَ تَمَلُّ كَمَا تَمَلُّ الْأَبْدَانُ، فَابْتَغُوا لَهَا طَرَائِفَ الْحِكمِ“.
أما الحل فيكون أولًا بتقبل الحالة، ثم محاولة تجاوزها بخطة ذات مراحل تبدأ بالكتب والمواد القرائية البسيطة، أو التي يحبها القارئ، حتى لو اضطر إلى إعادة قراءة كتب سبق أن قرأها؛ ذلك أن إعادة قراءة بعض الكتب التي سبق أن قرأها المصاب بحالة فتور في القراءة قد توقظ لديه الحالة التي تسمى نوستالجيا الكتب، وهي حالة الحنين للماضي في مجال القراءة؛ وذلك باستدعاء الذكريات التي صاحبت قراءة تلك الكتب في المرة الأولى؛ بحُلْوِها ومُرّها.
ويمكن البدء بدقائق معدودة قبل زيادتها تدريجيًّا، والاستمرار في ذلك حتى العودة إلى حالة لياقة القراءة.
ويجدر بنا أن نعلم أن لياقة القراءة هي حالة تشبه اللياقة البدنية التي لا يصل إليها الشخص المتدرب إلا بعد مدة من الزمن، تمامًا كما يمكن أن تحدث له حالة من الفتور في ممارسة الرياضة حتى يفقد لياقته البدنية.
وأخيرًا؛ لنعلم أننا حين نمسك بكتاب ونبدأ بالقراءة فإننا نلبي نداء الباري عز وجل حين قال في أول آية من القرآن ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾، وأننا بالقراءة نمسك بأحد مفاتيح الحضارة التي ساهمت في تقدم البشرية. ولنعلم كذلك أننا حين نفتح كتابًا فإننا بذلك نغلق بابًا من أبواب الجهل، ونفتح بابًا من أبواب العلم ينير ظلمات هذا العالم وينقذه مما يحيط به من مشكلات.
*هُنالك مرحلةٌ في القراءةِ إذا بلغتَها لن تستطيع التوقف حتى لو أردت؛ لأنّ القراءةَ أصبحت تجري منك مَجرى الدّم. مجهول