الشهادة لا تعني الكفاءة
الشهادة لا تعني الكفاءة كما أن الكفاءة والخبرة قد تكون شهادة و تحل محلها في كثير من الأمور عندما يتعلق الأمر بإدارة بعض الأعمال التي تحتاج للجانب العملي أكثر من النظري.
عندما نريد تطوير عمل ما فإننا نحاول أن نجدده من خلال محاولة تغيير بعض الأنظمة فيه أو من خلال تطوير الأفراد القائمين بالعمل من خلال إعطاءهم دورات تطويريه في رفع مستوى قدراتهم وكفاءتهم بحيث يتطور الأفراد وبالتالي يتطزر العمل أو الحل الآخير وهو من خلال تطعيمه بالكفاءات والقدرات من خارج نطاق مؤسسة العمل عبر ذوي الإختصاصات والكفاءات أصحاب الشهادات العليا.
وباعتقاد البعض أن الشهادة التي يمتلكها البعض هي الحل السحري والأنجع في تطوير مستوى وكفاءة العمل في المنشأة أو المؤسسة أو الشركة المراد تطويرها ويغفل أولئك كثير من الأمور المرتبطة بذلك ، بل قد يُرجع البعض تأخر التطوير لمستوى الموظفين وعدم امتلاكهم للكفاءة في الوقت الذي لا يوجه هناك عتبٌ بل ولو حتى مجرد التفكير في أن المسؤولية تقع على رأس الهرم في تلك الشركة أو المؤسسة أو نتيجة لتسنمهم مواقع قيادية من غير امتلاكهم لادوات الرئاسة أو أي كفاءة تؤهلهم لذلك.
صحيح أن الشهادة هي تعبيرٌ عن مستوى كفاءة الشخص وقدرته وهي نتيجة لمثابرته وجهده ولكنها ليست الوحيدة التي تعبر عن القدرات أو مستوى الأداء الذي يتمتع به الشخص فإن الكثير من الأشخاص يُبدعون في الجانب النظري لكنهم في الجانب التطبيقي والعملي يفشلون ، فالمعول عليه في معرفة كفاءة الفرد هو مقدار تحمله للمسئولية ومدى تفاعله معها ومستوى عطاءه و ما يمكن أن يقدمه في تطوير العمل و لا يعتمد هذا الجانب إلا بعد تجربة الأفكار التي يطرحها و مدى تطابقها مع الواقع العملي و ممارستها عملياً على أرض الواقع.
وكما قال علي بن ابي طالب (عليه السلام ) ( وفي التجارب علمٌ مستحدث ) فإن التجربة والخبرة لدى الأفراد ومستوى أدآهم الوظيفي هي المعول الرئيسي في معرفة سبرمستوى كفاءتهم وقدرتهم الوظيفية وليست الشهادة إلا عامل مساعد في تقييم أدآء الفرد ومستوى انتاجيته وعطاءه.
قد يأتي شخص يهوى أو يتوافق مع ميوله جانب معين من جوانب العمل ويبدع فيه أكثر من صاحب الشهادات المتعلقة بذلك العمل و لا يعني ذلك أن صاحب الشهادة لا يمتلك المؤهلات التي تجعله يباشر العمل ، فقد يكون صاحب الشهادة يمتلك من المؤهلات و الخبرات ما يؤهله لمعرفة العمل وامتلاك أدواته بفاعلية أكبر و أكثر قدرة وانتاجية و عطاء في ذلك المجال ، لذلك قد تنبه بعض الشركات لذلك وأصبحوا يطلبون في إعلاناتهم عن الوظائف بالإضافة للشهادة خبرة أيضاً في نفس المجال وكلما زادت سنوات الخبرة كان ذلك الفرد مرغوباً أكثر.
إن بعض الأشخاص قد يمتلكون الكفاءة في الجانبين ، شهادة وكفاءة ، كما إن هناك أشخاص تركوا الدراسة لا لشئ إلا لظروف واجهتهم في مرحلة معينة من مراحل حياتهم جعلتهم يتركون مقاعد الدراسة في وقت كانوا هم الجديرون بنيل أرقى وأرفع الدرجات فيها لولا تعرضهم لتلك الظروف ، لذا هم في أعمالهم أكفاء ولكن لم يجدوا من يكتشف قدراتهم أو يتنبه لمدى كفاءاتهم .
إن بعض الأشخاص يمتلكون من الخبرة ما يساوي ويوازي في الكفاءة شهادات البعض كما إن ممارستهم للعمل و خبرة السنوات لفترات طويلة جعلتهم مؤهلين لتسنم الأدوار القيادية فيه وقد تعادل الدورات و الدراسات التي أخذوها مستوى يعادل أو يفوق بعض الشهادات.
إن كثير من المؤسسات والشركات تتخلى عن بعض كفاءاتها دون معرفة بذلك فكثير من المدراء لا يعلم أويعرف مقدار العمل أو مستوى كفاءة الموظفين في إدارتهم للعمل و معرفتهم به وذلك لإن العمل يجري بانسيابية لديه دون مشاكل فيعتقد بأن ذلك يرجع إلى أن مستوى العمل وحجمه بسيط ولا يُرجع أو يتفهم بأن الأمر يعتمد على كفاءة الشخص المسؤول عن ذلك العمل فهو يمتلك الكفاءة في إدارة عمله وحل المشاكل المتعلقة به دون الرجوع له فلا يعني له وجود الموظف كشيءٍ ضروري إلا بعد أن يفتقده أو أن يترك العمل لديه وتحدث المشاكل التي كان الموظف يباشر حلها بنفسه دون الرجوع لرؤساه.
لذا ينبغي قبل اتخاذ أي قرار بالتغيير أو التجديد على مستوى العمل والموظفين تحديد جهة في العمل قادرة على التشخيص وملمة ومحيطة بظروف كل وحدة فيه كي تعمل على تحديد مستوى كفاءة الموظف قبل اتخاذ القرارات بالتغيير أو عمل حركة تنقلات في دوائر العمل المختلفة و محاولة تدريب الكفاءات و القدرات والتأكد من قدرتهم على تحملهم المسئولية المناطة لهم ومستوى قدرتهم على القيام بها.