واقعية النص القرآني
لا يكفي التسليم بالقيمة الذاتية والبيانية للنص القرآني، وإنما يجب التسليم بالقيمة الواقعية له، إذ لولا القيمة الواقعية لبقي القرآن نصّاً تاريخياً معطَّلاً، لأنها لا تفترض قيمةً ذاتية للمعنى القرآني، وإمكانيةَ تحصيل تلك القيمة، وتكتفي، وإنما تجعل تلك المعاني قابلةً للتفاعل مع الواقع الخارجي بما فيه من هموم ثقافية واجتماعية وسياسية واقتصادية وغير ذلك، فهي تعني الإيمان باشتمال النص القرآني على إجابات لمشاكلنا وهمومنا المعاصرة، بالمستوى الذي يجعل منه نصّاً تشريعيّاً فعليّاً للحظتنا المعاشة والأزمنة المتجددة.
لهذا كلما طرأت على الساحة بعض التأزمات أو التساؤلات كان للقرآن كلمة، وهذا ما يحفز المفسر والباحث القرآني للتنقيب عن الرؤى والبصائر القرآنية كلما انطلقت تساؤلات جديدة، فيوماً كانت الوجودية وآخر القومية واليوم الديمقراطية والتعددية مثلاً.
وهذا النهج يعد نقداً صريحاً للمنهج المعطِّل للنص القرآني، وأطروحة تعتبر آيات القرآن الحكيم حيّة طريّة تتفاعل مع الأزمنة والأمكنة المتجددة، في مقابل الأطروحة التي تسلب الروح والحياة منها حيث تنادي بتاريخية المعاني القرآنية.