المعلم «شنر».. وما فصلوه ولكن شبه لهم!
أتابع منذ أيام الخبر الذي شغل الرأي العام في الأوساط الشيعية في المملكة مع فصل المواطن فوزي شنر من وظيفته معلما بإحدى مدارس القطيف بذريعة تعليمه التلاميذ الشيعة الصلاة طبقا لمذهبهم الذي يتعبدون الله به. ولعل التبرير الأكثر تسويقا وتبريرا لفصل الأستاذ شنر من وظيفته هو حاكمية القانون وسيادة الانظمة والاجراءات. حتى هنا لا يبدو الأمر عاديا، فالقضية اذا كانت على هذا النحو فهي لا تعدو عن كونها مخالفة وظيفية استحق عليها هذا المعلم الفصل من الوظيفة. بيد أن الأمر على خلاف ذلك تماما، فهناك مخالفات فادحة للأنظمة يتم التغاضي عنها وهناك ازدواجية فاضحة تمارس يوميا من قبل ذوي الشأن دون أن يرف لهم جفن!. هنا يكمن جوهر القضية الأصل وليس في أي مكان آخر.
وحتى لا نتهم بالاصطفاف الطائفي "كالعادة"، ولكي نرى رأي العين أين تكمن المخالفات الحقيقية للأنظمة وما إذا كانت تقبع خلف قرار الفصل تبريرات عقلانية أم لا، دعنا نتناول القضية من زاوية اجرائية صرف ولنرى ما اذا كانت مثل هذه الاجراءات الصارمة، والغضبة المضرية على انتهاك النظام الاداري، قد اتخذت في مناسبات وحوداث مشابهة كان أطرافها من المعلمين غير الشيعة، وبكلمة صريحة كانوا من المعلمين السلفيين تحديدا.
دعنا نأخذ بعض الحوادث التي جرت في القطيف خلال السنتين الماضيتين فقط، وسأدع قضايا الأحساء إلى مناسبة أخرى. اليكم المثال الأول، وهي القضية الأشهر وبطلها المعلم السلفي الشهير ابراهيم الزيات إمام جامع قنبر في الدمام، والذي اعترف بلسانه في تسجيل صوتي أنه يعمل على تحويل طلابه الشيعة بمدرسة ابن كثير المتوسطة بالقطيف إلى المذهب السني وأنه نجح في تغيير عقيدة تسعة من الطلاب بعد رحلة معهم إلى مكة المكرمة لأداء العمرة. والسؤال هنا؛ ما هو الإجراء الذي اتخذته ادارة الاشراف التربوي بالقطيف ازاء هذا التصرف، لا شئ، بل أكثر من ذلك، فقد كوفئ هذا المعلم بالنقل إلأى مدرسة أخرى، ولسان حال ادارة الإشراف، عفى الله عما سلف والله يحب المحسنين!.
أما بطل القصة الثانية فكانت معلمة التربية الدينية بثانوية القديح في القطيف أمل الشتيوي، فقد اتهمت هذه المعلمة بالتطاول على السيدة الزهراء أمام طالباتها الشيعيات، فما كان من ادارة التعليم ازاء غضب الأهالي إلا أن نقلوها إلى مدرسة دارين في نفس المحافظة لتقوم هناك بتوزيع منشورات مسيئة للمواطنين الشيعة بالتزامن مع مناسبة عاشوراء. ووصفت تلك المنشورات المسلمين الشيعة بأنهم من الفرق الباطنية والمبتدعة وأهل الضلال. ولنسأل للمرة الثانية، ماذا كان تصرف المسئولين ازاء هذه القضية غير "المكافأة" بالنقل لمدرسة ثانية وثالثة..
وحتى لا أطيل في تناول الأمثلة، دعنا نتسائل مرة ثالثة ماذا صنعت ادارة الاشراف التربوي مع المعلم بمدرسة جعفر بن أبي طالب الابتدائية بالقطيف "سلطان شاهر العتيبي" والذي اعتدى بالضرب على طلاب الصف الرابع الابتدائي ودرج على وصفهم بالكفار وعبدة الأحجار وعبدة الجن وأنهم اتباع الخميني والسيستاني. تعرفون طبعا ماذا كان الاجراء "الصارم" الذي اتخذ بحقه، النقل لمدرسة أخرى!
وحتى أختم هذا المحور أود للتذكير فقط أن أضع على طاولة الاشراف التربوي بالقطيف ما يلي من أسماء المعلمين السلفيين؛ عبدالله المصطفى بمتوسطة الخويلدية، معلم التربية الدينية بمدرسة الأنصار الإبتدائية بتاروت عبد الله الملحم، معلم التربية الدينية بمدرسة الجارورية الثانوية خالد الغامدي، معلم التربية الدينية بمدرسة تاروت الثانوية عبد الرحمن آل حيدر. وبلغة ادارية خشبية كالتي ووجه بها الأستاذ فوزي شنر، ارتكب جميع هؤلاء المعلمين السلفيين والذين سبقوهم أعلاه مخالفات طائفية فادحة بحق النظام التعليمي وتلاميذهم الشيعة، لكن الإجراء المشترك المتخذ بحقهم جميعا هو "المكافئة" بالنقل إلى مدارس أخرى ربما كانت أقرب إلى بيوتهم!!
وكما هو واضح فالمعلم شنر لم يمارس التبشير المذهبي على طريقة الزيات ولا توزيع المنشورات المسيئة على طريقة الشتيوي ولا اعتدى بالضرب كما فعل العتيبي. وعليه يتضح بأن فصل الأستاذ شنر من وظيفته بتهمة مخالفة أنظمة التعليم ليس سوى ممارسة فاضحة لازدواجية المعايير وتمميز مكشوف بذرائع غير منطقية في ظل المحاباة الفاضحة للمعلمين السلفيين على حساب ذات الأنظمة. وبعبارة أخرى أقول لادارة الاشراف التربوي بالقطيف ومن خلفهم ادارة التعليم، دعكم من قصة مخالفة النظام، فهذه الحجة لا تنطلي على أحد "دحنا دافنينه سوا"!!.
من هنا، أود القول، أن على ادارة الاشراف التربوي بالقطيف وفوقهم ادارة التعليم أن يتركوا عنهم ازدواجية المعايير بين المعلمين السنة والشيعة، وأن يعيدوا الاستاذ شنر لوظيفته معززا مكرما، احتراما لعقول الناس الذين يرون بأم عينهم وبشكل يومي كيف ترتكب المخالفات الفادحة من قبل الكثير من المعلمين السلفيين دون اتخاذ أي اجراءات أقل بكثير من الفصل من الوظيفة بحقهم، بل يتم التغاضى عنهم. الاستاذ شنر لم يرتكب مخالفة مخلة بالشرف بل كان يعلم التلاميذ الصلاة، فهل هذه جريمة تستحق عقوبة الفصل يا أمة لا إله إلا الله!!، وما فصلوه ولكن شبه لهم!.