العمل الإجتماعي بين « نحن وأنا »
يتأثر سلوك الفرد حتماً بمجموعة القيم والمعتقدات التي يؤمن بها ، فتدفعه لإتباع سلوك مفضل لديه عن سواه. ولكي يمكن فهم طبيعة السلوك البشري ودوافعه لابد من اكتشاف مجموعة القيم والقواعد التي تؤثر في السلوك وبالتالي تدفع الفرد إلى مسلك معين دون الآخر, إذ يعبر الفرد عن قيمه الذاتية بقبوله لشرعية أو صحة وجهة نظر معينة تجاه مجموعة من الحقائق.
والعمل الإجتماعي يُعدُّ الأبرز في حزمة الأنشطة التي يزاولها الإنسان التي تتأثر سلباً أو إيجاباً بمنظومة القيم التي يؤمن بها، لأن الضابط الوحيد الذي يُنظِّم العلاقات في الأعمال الإجتماعية والتطوعية هو " الضمير الأخلاقي "، حيث ليس هناك لائحة للتأديب، ولا قوانين للمكافآت، كما هو متبّع في المؤسسات الرسمية والخاصة.
من هنا فإن من أهم متطلبات الإنخراط في العمل الإجتماعي العام، هو توفر بُنية تحتية أخلاقية صلبة، تنأى بصاحبها عن شراك الحسد، والغيرة، والطمع، والسيطرة، والتكبر، والغرور، وغيرها من الآفات السلوكية التي من شأنها - إن توفّرت - أن يذهب معها أجر المرء في عمله الإجتماعي أدراج الرياح .
فمن السهل جداً أن يبدي المرء رغبته في الإنخراط في هذا العمل الإجتماعي أو ذاك ، ولكن الأهم هو أن يتمتع بالوعي الكافي لمتطلبات العمل مع الفريق، وثقافة العمل الجماعي الذي يتقدم فيه ضمير " نحن " على ضمير المتكلم " أنا " ، وتسود فيه الألفة والثقة والمودة بين مكونات فريق العمل، كما يؤدي الإختلاف الوظيفي بين عناصره إلى التكامل، وليس للعزلة أو التشرذم والتنافر، وذلك بناء على نظرية التكامل والإختلاف.
كلنا مسؤولون – أيها الأحبة – عن نشر هذه الثقافة الأخلاقية في العمل التطوعي لينعم المجتمع الذي أتاح لنا فرصة النمو والتطور وبناء القدرات الشخصية، بالمزيد من النفع والفائدة والتميز والتلاحم في عصر ضاغط يموج بالمتغيرات في كل طرفة عين، وتسيطر عليه شلّة الصقور التي لا تعرف الرحمة بالحمام . أليس كذلك ؟ تحياتي .