أبوسعيد .. رئة العمل التطوعي
رئة الإنسان ذلك العضو الذي يشكل عنصرا ً أساسيا ً في الجهاز التنفسي , و الذي لولاه لتوقفت حياة هذا الإنسان لتلازم ذلك بكافة وظائف أجهزة جسم الإنسان الأخرى , إذ لا يمكن أن تمر علينا لحظة دون أن نتنفس الهواء .
كذلك هو العمل التطوعي ينقسم و يتفرع و يبقى لكل شيء وظيفته و موقعه و أهميته , و كلمة حق تقال بأن الحاج محمد بن كاظم عقاقة (أبوسعيد) كان و سيبقى يمثل دور الرئة في مختلف ميادين العمل التطوعي ببلادنا العزيزة أم الحمام على مدى عقود من الزمن و لم تقف هذه الرئة عن التنفس لحظة واحدة طيلت تلك السنين بل كانت في عمل مستمر على الدوام .
ندين لك بالفضل يا أبا سعيد لجميع ما قدمته من خدمات جليلة لبلدك و أهلها طيلة أربعين عام مضى , إذ كنت على الدوام نواة أساسية لنجاح مختلف مؤسسات البلدة الرسمية و الأهلية و لا ننسى أهم محطات حياتك في جمعية أم الحمام الخيرية أو في نادي الإبتسام و أخيرا ً في رأس هرم إدارة مهرجان الأعراس الجماعي , و أكاد أجزم قاطعا ً بأنه ما من أحد من رواد العمل التطوعي في بلادنا إلا و يعرف حجم الخسارة الكبيرة التي أصابتنا جراء إعلانك الإنكفاء عن العمل التطوعي في مختلف الحقول الإجتماعية , إذ أن ذلك بمثابة الإخبار عن وقوف رئة العمل التطوعي و ما يلزم ذلك من تبعات .
كتابتي عن الحاج أبو سعيد و دوره الإجتماعي و ما يمثله من قوة و أهمية جاءت متأخرة جدا ً و كانت ستتأخر أكثر لو لم يصل إلى مسامعي خبر إعلانه عن وقوف مسيرته في العمل التطوعي , و حين سماعي لذلك أصبت بخيبة امل كبيرة و إحساس بالخسارة و حق لي ذلك إذ أنني أحسست بإنقطاع الأوكسجين التي تضخه تلك الرئة في روح العمل التطوعي بمختلف مشاربه الإجتماعية تحت راية العمل من أجل مجتمع قوي و متوحد.
أبوسعيد ليس بحاجه إلى هذا المدح أو ذلك المقال أو تلك التحية كونه أختط لنفسه هذا الطريق طوعا ً , و حمل راية العمل منذ أربعين عام غير آبه بكلام المنتقدين من خلف الأسوار , لم يكن ينتظر شكرا ً أو ثناء من أحد لأنه كان يشعر بالمسؤولية إتجاه المجتمع و لقناعته بأن رسالته أبلغ من عبارات الشكر , و أدعى للخلود من الثناء الجامد .
موقف واحد أذكره لكم يبين مدى الإخلاص و التفاني لدى هذه الشخصية في خدمة البلاد , في آخر سنين عمله كرئيس لمجلس إدارة مهرجان الأعراس كان الحاج أبوسعيد مصاب بوعكة صحية شديدة إذ كان يعاني من آلام حادة في مفاصل عموده الفقري (الدسك) مما يشكل ضغطا ً على الشبكة العصبية الممتدة من خلال العمود الفقري و هنا مصدر الألم الحاد و الموجع , إلا أن الحاج أبوسعيد أبى أن يبقى طريح الفراش و قام بعكازته مشاركا ً بقية أفراد مجلس إدارته أفراح أهالي أم الحمام مؤديا ً واجبه الإجتماعي من خلال التواجد في ميدان العمل رغم الألم و المرض .
كل ذلك يحتم علينا أن نقف وقفة إجلال و إكرام لشخصه الكريم و أخلاقه النبيلة و خدماته الجليلة , و لكونه قام بخدمة مختلف مؤسسات البلد فقد تضاعفت مسؤوليتنا أكثر فكيف سنرفع تحيتنا لشخصه الكريم , و بالمناسبة أقترح بأن يقام حفل تكريم خاص لهذه الشخصية المعطاءة , تتبناه مختلف مؤسسات البلد و على رأسها (جمعية أم الحمام الخيرية , نادي الإبتسام , مهرجان الأعراس الجماعي ) و أتمنى من رؤساء مجالس الإدارة في المؤسسات المذكورة المبادرة في أخذ هذا الأقتراح بعين الاعتبار لتنفيذه في أقرب فرصة .
فسلامي في ختام مقالي لرئة العمل التطوعي .. يا أبا سعيد سلام عليك و أنت تبعث الأمل إلى كل من عرفك و جالسك , دام حبك لأم الحمام و دام حب أم الحمام و أهلها لك .