فيلم "الزَّيف" زيف يثير العاطفة ويهرب من القضايا الواقعية

 

إنسانيا تابعت بحرقة وألم قضية موت رجل وامرأة عثر على جثتيهما في سيارة، ساعتها قيل الكثير من قبل مئات المتواجدين في قلب الحدث في بلدة الأوجام، منه ما قيل عن إحراقهما بمادة "التيزاب"، وكصاحفي تذكرت ما أثاره "فيلم الزيف"، قلت في نفسي هل الصحفي يختلق الحدث كما يقول الفيلم، أم إنه واقع مزعج أصابنا بهول الصدمة...

تابعت الفيلم القطيفي القصير المعنون بـ"الزَّيف"، الفيلم قصة واخراج جهاد هلال، مونتاج محمد، وحسين "المرهون"، تناول الفيلم "الخبر الصحفي" الذين يتناول المحافظة، وعلى رغم إعجابي به كتمثيل، إلا أن الأخوة القائمين عليه ذهبوا بفكرتهم بعيدا، لحد أنهم لم يكونوا يفقهون كيف يسير العمل الصحافي لا في ظاهره ولا في كواليسه، وذلك واضح منذ بداية الفيلم حيث يتوقف المشاهد عن مشهد المدير الذي يوبخ الصحافي بهذه الطريقة التي لم أشهدها ليوم واحد طوال عملي في الصحافة منذ نحو 11 عاما.

كلنا يدرك بأن السبق الصحفي مطلوب، وهو أمر يندفع له الصحافي، ولا ينتظر رئيسه ليخبره به، وحين نقول الصحافي فنحن نعني من الكلمة مهنيتها وليس مجرد لفظه لأي ممارس للعمل الصحافي، ما اريد قوله بوضوح تام، هو أن طريقة عرض السيناريو كما ورد في الفيلم تدل على عدم دراية الكاتب، فمن خلال الفيلم حاول جاهدا أن يقول للمتلقي بأن الصحافي غير دقيق في نقل الخبر، وكأن كل ما يطرح من الأخبار السلبية الموثقة من مصادرها غير دقيق، وكل هذا لنهرب من مسألة واحدة، وهي أننا مجتمع ملائكي كما يزعم منتج الفيلم الذي ابتكر قصة عاطفية بها أم عجوز تدمرت حياتها بسبب الخبر، بيد أن خياله لم يقده لقضايا أخرى كان، مثل القتل، الاغتصاب، السطو المسلح، سرقة المنازل والسيارات، وكلها تحدث في القطيف كما في غيرها من المناطق.

يريد طاقم الفيلم إقناعنا بسطحية بأن الحدث (السلبي، أو الشرير) لم يقع، بل هو اختراع صحفي، علما أننا معشر الصحافيين لم نخترع الخطيئة، فمن أوجدها هو الفاعل الأساسي على الأرض. إن "الزيف الحقيقي" هو نكران ما يحصل، وإيهام المشاهد بأن "ليس هناك..." هو الصواب يحمل خداع بترصد، ولو تمكنت من محاورة منتجي الفيلم لقلت لهم، ما نسبة مثل هذه الأخطاء التي تقع من قبل هذا الصحفي أو ذاك، وهل تشكل الأكثرية في مجمل الأخبار التي يعنونها البعض في خانة السلبية؟

 لمن لا يعرف كيفية سير أنتاج الخبر الصحفي الخاص بالجريمة أوضح له التالي: إن افترضنا أن هناك اعتداء على امرأة، ودخلت في غيبوبة كما شاهدنا في السيناريو، ووصل الخبر بأي طريقة للصحافي، فكيف له أن يتصرف لينشره في صحيفته، مهنيا ليس أمامه غير خيارات محدودة جدا لكنها فعاله، أولا يتصل بالشرطة التي تبلغت بأن هناك امرأة فقدت الوعي، والسبب أنها وقعت على حجر كما يروي الطفل في الفيلم، الجهة الأمنية سترد على الصحفي بأن الأمر حادث اعتيادي، الصحفي مجبر على الأخذ بالرأي الرسمي، وسيكتب إن أرد الحادث كما ترويه الجهة الأمنية، نعم قد يكون هناك شهود عيان لكن في النهاية سيأخذ برأي شاهد العيان لكن الأولوية لجهة التحقيق، ولو كان الكاتب يدرك هذه التفاصيل البسيطة لما وقع في أخطاءه الفادحة التي جعلت فلمه سطحيا.

كصحافي يحترم قلمه ومهنته أقول لمنتجي الفيلم ومن يقف وراءه:

تعالوا لنتباحث ونعرض لكم سلسلة من المشاكل الاجتماعية المعقدة التي لم تنشر في الصحافة لحساسيتها الاجتماعية، علما أنها حقيقية وموثقة وضحاياها موجودين ولجأوا لنا، خاصة أن هناك فتيات وقن ضحية لهذه المجموعة من الشبان أو تلك، قولوا لي هل نقول لصاحبة الشكوى (الضحية) لن ننشر قضيتك كي تحل من قبل الجهات المعنية (اجتماعية أو رسمية) لأن مجتمع القطيف ملائكي... بربكم أليس هذا سخفا؟!!

 لا أدعي بأن القطيف هي الوحيدة التي بها ما هو سلبي، وما هو مقيت، فكل هذه الصفات التي نتمنا جميعا زوالها موجودة في أي تجمع سكاني، وهذا موجود في العاصمة الرياض، والمنطقة الغربية بكل مدنيها وقراها، وكذلك الشرقية، والصحف تكتب عن قضايا كثيرة تقع، ولو استعرضنا من ذاكرتنا ما تمت كتابته مؤخرا، فسنقف على قضايا عدة، كتبت فيها الصحافة وسلطت الضوء عليها، مثل قضايا مغتصب القاصرات، وهي تبعد الآف الكيلو مترات عنا.

أخيرا آمل أن نخلق مجالا إيجابيا يقوم على أسس الموضوعية في النقد، وعن نفسي أرحب بأي انتقاد جاد، واحترم الطرح الجاد الذي يفضي لنتائج تعالج المشاكل، وعن نفسي ونيابة عن عدد من الزملاء في المهنة نحن جاهزون لسماع الرأي عن قرب، ومستعدون جدا لمناقشة ما هو في صالح البلاد والعباد.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 2
1
Mohammed _ca
[ ام الحمام - اللقطيف ]: 3 / 8 / 2011م - 10:01 ص
كلام منطقي وجميل وأعتقد أيضا أن الفلم هدفه هو أنا الأخبار والإشاعات تؤدي الى مشاكل كثيرة ولها ثقلها على المجتمع وربما أصحاب العمل ركزو على هذا الهدف الكبير في الفلم.
ولكن أتفق بشكل كبير مع الكاتب بأن المجتمع ليس ملائكي كما يظنة البعض
2
abu ali
3 / 8 / 2011م - 2:13 م
السلام عليكم
عزيزي الصحفي أولاً هذا بين قوسين (فيلم) يعني مثلاً لو كان الفيلم عن دكتور يسوي أخطاء طبية, هل راح يجي الدكاترة يكتبوا مقال يقولوا إنتون ما تعرفوا الطب؟
ثانياً أسألك هل قبل لا تكتب هذا المقال تواصلت مع منتجين الفيلم ومن يقف وراءهم علشان تتحرى الصدق والموضوعية؟
موفقين لكل خير