قوافل القراء الصغار
حجر الأساس في كتاب الله المجيد كلمة (اقرأ) لهذا بدأت أولى السور بها.. تدشيناً لهذه الحالة الصحوية والحضارية، وإذا عرفنا أن صياغة الحروف مغزاها (إياك أعني واسمعي يا جارة) فإننا سنوجه هذا الأمر الإلهي لكل دابة عاقلة، فهي لا تخص الرسول بل كل بني البشر والمسلمون بشكل أولى وآكد..
والحقيقة التي نسأل عنها : هل أبناؤنا يقرؤون أم أن العناكب نسجت أثوابها وبنت بيوتها على مكتباتنا وزادنا الغبار ببعض لفحاته الداكنة ليتآزر الكسل معه لنشكل : ( أمة لا تقرأ.. رغم إجادة القراءة )، إن امتلكنا في بيوتنا مكتبة !!
المكتبة التي هي محض قطعة من الأثاث والديكور فقط لا فائدة فيها، ولا نور يرجى أن يخرج منها، فمتى سنفعل دور القراءة في جيل أمتنا الصاعد، أمة لا تجيد القراءة هي أمة ميتة، وأمة تجيد القراءة ولا تقرأ هي أمة نائمة، القراءة عنوان التقدم والازدهار، ولكن المخجل والمؤسف افتقار المكتبة العربية والإسلامية إلى مطبوعات الصغار، وما أكثر السطور التي عربت وترجمت عن لغات أجنبية لا تتوافق مع تقاليدنا وجذورنا العربية والإسلامية، وهمسة مسؤلة نصدح بها لكل الكتّاب أن لا يغفلوا نصيب الصغار من أقلامهم، فالبروج العاجية والشامخة يجب أن تتواضع كالشجرة المثقلة بالثمار لهذه الفئة، حتى تمتد الثقافة وتمسي القراءة معلماً حضارياً لكل شرائح الأمة، فالصغار لهم حاجتهم الماسة كما للكبار نهمهم وتطلعهم، الكل مسئول عن تدشين ثقافة القراءة للجميع، حتى يحلق هذا الفن عالياً بصورة دائمة ومستمرة في حدائق المكتبات وتنتزع الكتب من رفوفها العالية فتنمو الثقافة وتنضج الحصيلة العلمية، فالمدرسة، والبيت، والمسجد، والنادي، والمجتمع، والعالم، وجميع أروقة الدولة مسئولة عن ترويج فكرة (القراءة للجميع)..
بالأمس كنا نتشوق لمشاهدة (المكتبة المتنقلة) أما اليوم فإننا نقرأ على روحها الفاتحة ولربما واراها التراب بأكفانها دون رجعة، كانت العاطفة متخمة للقياها، وسعادة احتضان الكتاب أمنية تناشدها قلوبنا، ويوم السعادة يوم تقف تلك المكتبة أمام بوابة المدرسة، إلا أن هذا الحلم الجميل تبخر ولن يعود، وهنا نقول أنه من الأهمية بمكان أن نعود الأطفال على زيارة المكتبات، وإتحافهم بهدايا تنمي فيهم طموح القراءة والإطلاع..
(وينشأ ناشئ الفتيان فينا*** على ما كان عوده أبوه)، القراءة متعة وفائدة لا تحتاج منا إلى الكثير من الترويج لها، فقط لنقدم الكتاب بين أنامل الصغار ولنراقب الأثر السحري له، أو لنضع الأقدام الصغيرة في بداية الجادة باختيار الكتاب المناسب ولنسمع وقع الهرولة، حينها سنسمع وقع قوافل القراء الصغار يتراقص وهم يدشنون ناديهم المفضل بمعية الكتاب .