الحرية هبة ، أم حق
لن يكون جديدا إذا قلنا أن الحرية لا توهب، و لا تقدم على طبق من ذهب ، بل تؤخذ عنوة ، بعد المطالبة بها ، و تقديم التضحيات الجسيمة لها .
و للحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق
و إذا كنا نعجب بالحريات ، و اتساع حدودها و مجالاتها في الغرب ، فلنعلم أن ذلك لم يأتي بين يوم و ليلة ، فالثورة الفرنسية عام 1789 أخذت معها أكثر من 30 ألف قتيل ، قبل تحقيق حلم بناء جمهورية ديمقراطية ، و إلغاء هيمنة طبقة النبلاء ، و رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية .
هناك تساؤل ملح ، و مبهم في بعض الأحيان و هو : من أين تؤخذ الحرية من النظام السياسي الحاكم ، أم من المجتمع نفسه ؟
فمصر تمر بمرحلة مخاض عسير ، بعد خلاصها من نظام استبدادي فردي ، و إن كانت له فسحة من الحرية الإعلامية و الثقافية ، و لكنها وقعت في استبداد جماعات دينية ، و ثقافية و فكرية ، تمارس سياسة الإقصاء ، و تحاول الصعود عن طريق إلغاء الآخر ، مستغلة شيوع الإنفتاح الفكري ، و ضعف الوعي لدى القاعدة من الشعب ، ففي هذه الحالة ، و حالات أخرى في بلاد أخرى ، غاب الفرد المستبد ، و حلت محله الجماعات المستبدة حتى إشعار آخر .
فالأخوان المسلمون الذين لاقوا الضربات الموجعة من نظام مبارك ، لم يقدروا على إزالته ، لولا قيام ثورة شباب التحرير ، الذين بدورهم تراجعوا بعد تحقيق هدف إسقاط مبارك و حزبه ، ليصعد مكانهم بسياسة الشعارات المثيرة ، و اقتناص الفرص ، الأخوان و السلفيون و غيرهم ، و قس على ذلك النظام السوري القمعي اليوم ، فهناك العديد من المتابعين يتساءلون ماهو البديل ؟
هل هم الأخوان ؟ أم جماعات متشرذمة كل ينادي أنا أمة ؟
هل يتم استبدال الكابوس بكوابيس آخرين ؟
لكننا لن نقدر على لوم هذا الشاب الثائر المطحون ، في درعا و حمص و حماة و دير الزور و غيرها ، حين يتظاهر للمطالبة بأبسط الحقوق ، و لن نصدق أن كل من يخرج للشارع ضد النظام ، هو من "العصابات السلفية أو صنعته المخابرات الإمبريالية و االصهيونية " ، و تلك المنظومة البالية ، حتى و إن و جدت حالات منها .
الخلاصة :
لعلنا في العالم العربي و الإسلامي ، أمام سدان منيعان ، سد النظام السياسي المنغلق ، الخائف من الحريات ، و سد المجتمع المتمسك بالموروث الأبوي المتسلط ، المتعتق بأفكار قروسطية ، لم تعد تناسب ثقافة المجتمع المدني ، و المؤسسات المنتخبة ، و تكافؤ الفرص .
خاتمة :
هل النقاش في المجتمع السعودي ، على أحقية المرأة بالإنتخاب أو قيادة السيارة أو السفر من غير محرم ، يعبر عن مجتمع صحي و سليم ؟
أترك الجواب لكم .... مني لكم شديد المحبة .