شذرات من سيرة خادمة أهل البيت فائزة الحرز
إلى استاذي وأخي وعزيزي أبا أحمد بدر الشبيب وإلى عائلة الشبيب الغالية وعائلة الحرز وذويهم أرفع أحر التعازي القلبية في فقيدتنا الغالية سائلا المولى أن يتغمدها بواسع رحمته ويسكنها فسيح جناته وأن يلهمنا جميعا الصبر والسلوان .
ما عساي أن أقول في حق اختنا المؤمنة التي بذلت قصارى جهدها وجل وقتها في خدمة مبادىء أهل البيت وإحياء مناسباتهم دون كلل أو ملل أو سأم أو تقصير ، فقد كانت بحق المثابرة والمبادرة الأولى والداعمة لاستمرار هذه المناسبات والمضحية بوقتها دون إخلال بأولويات مسئولياتها والمعطاءة بحب ينبوعه الثر الذي لا ينضب حب الله وحب النبي وأهل بيته الاطهار صلوات الله عليهم .
الصدمة الأولى : حينما تناهى إلى مسامعي خبر اجراءها للعملية الجراحية يوم الخميس الموافق 27/1/1433هـ .
الصدمة الثانية : حينما باغتني خبر رحيلها أثناء توجهي لمقر عملي صباحا وفي منتصف الطريق ارتاعت فرائصي وغل لساني وعجز بياني عن استيعاب أو تصور ما تعنيه صدمة خبر الرحيل ومدى وقعه على رفيقة دربها زوجتي (أم علي) وكل من ألف خلقها النبيل وعايشها .
الصدمة الثالثة : حينما عاودت الكرة للمنزل وقد سبقتني دموعي عن كل تعبير ، فكرت مليا في كيفية ايصال الخبر بشكل تدريجي ، وقبل ان ابتدر زوجتي رفيقة دربها بالكلام كان القدر قد ساق لها خبر الرحيل المر في الجوال فسقطت مجهشة في البكاء والعويل وقد اعياها هول الصدمة بما هو اعمق من العلاقة التي توثقت وتوشجت مع العزيزة الراحلة على مدى عقود خلت ، فالعلاقة هنا اكبر من عناوين الاخوة والاخوة هنا ليست كائن سيامي يسهل فصله بل هي اتحاد ارواح ومهج ، والرحيل المفاجىء هو انتزاع روح من روح ولواعج آهات تنسل من القلب فتدمي الوجود وتهز الكيان وتحرق الفؤاد بنار المصائب .
توطدت علاقتنا الاخوية والأسرية في رمضان عام 1402هـ حيث كانت فاتحة باكورة انشطتها الدينية في مولد الامام الحسن في مسيرتها المفعمة بالنشاط وخدمة أهل البيت سلام الله عليهم واختتمتها في نهايات العام الميلادي 2011م فهل هي من المفارقات الربانية ان تختتم حياتها في ذكرى رحيل الامام الحسن المجتبى أي في ذات اليوم الذي شرعت فيه في خدمتهم لتتوج رحيلها ببصمة في سجل شرف الآل .
بدأت العلاقة الوطيدة بين اسرتينا ، بيني وبين أبا أحمد ، و بين زوجتي أم علي والفقيدة السعيدة خادمة أهل البيت (أم أحمد) في رمضان 1402هـ ، فقلما نذهب لأي زيارة إلا مع بعضنا البعض لدرجة أن أبنائي وبالخصوص ابنتي فاطمة وزينب لم يكونا يسميانها إلا خالة ام أحمد نتيجة الحب الكبير الذي يكنانه ، وحين كانت الفقيدة تسافر ولو سفرا قصيرا كانت لا تعود إلا وهي حاملة الهدايا تعبيرا عن عمق المودة بيننا ، بل كانت هذه العلاقة التي تجمع اسرتينا اكبر من كل شيء فما يجمعنا هو الاصرار على محبة أهل البيت والرغبة في التشرف بخدمتهم وأحياء مناسباتهم بكل ما يمكن تقديمه من غال ونفيس .
في عام 1402هـ اتفقت المرحومة خادمة أهل البيت (أم أحمد) وزوجتي أم علي والفاضلة أختها أم مالك زوجة الاستاذ ماجد العبدالعال لإقامة اول الاحتفالات النسائية بمناسبة مولد الامام الحسن في حسينية المرحوم الحاج منصور الحرز رحمه الله وكانت هذه اولى لبنات تأسيس اللجنة النسائية بشكل متزامن مع لجنة احياء المراسيم الدينية الرجالية ، ترأست الفقيدة (أم احمد ) هذه اللجنة مع كل من أم محمد جعفر معتوق الشبيب ، وأم علي حسين صالح الكعيبي واستمرت الفقيدة تدير هذه اللجنة بكل اخلاص وبعيدا عن اي ضوضاء أو رغبة في الظهور على مدى ثلاثة عقود وكانت هذه اللجنة بمختلف مراحل تطورها وتغيير مسمياتها بين الفينة والأخرى ، باكورة للكثير من الانشطة والدورات التثقيفية والاحتفالات الدينية واللجان النسائية الفاعلة التي كان من شأنها إبراز دور المرأة المسلمة وتحفيز الكثير ممن انخرطوا في هذا المضمار إلى حين تغيير اسمها إلى لجنة العقيلة النسائية .
كان لجهود الفقيدة الراحلة أم احمد الحاجة فائزة أحمد سلمان الحرز دور بارز في دعم مشروع لجنة العقيلة في شراء الأرض المقام عليها الآن مشروع بناء حسينية العقيلة النسائية لإقامة المشروع المتكامل الذي يضم الحسينية والحوزة النسائية ومقر الدورات التثقيفية النسائية.
وها هي أم أحمد ترحل بشكل مفاجئ وقبل أن يكتمل هذا المشروع الذي بني لله (وما كان لله ينمو)
كانت عيوننا تهفو وتتأمل أن ترى أم أحمد ثمار هذا المشروع باديا للعيان ومستوعبا للطاقات النسائية ومفجرا للكفاءات وباعثاً على النشاط والحيوية ولكنها إرادة الله التي شاءت ان تتعجل الرحيل في عز شبابها (وعجلت اليك رب لترضى) وأن تترك قلوبنا الوالهة يعتصرها الأسى والحسرة وكما يصفها استاذنا أبا أحمد الايوبي الصابر " فقد أيتمت برحيلها جميع الأدوار أظن أن الفراغ الذي تركته خلفها عصي على أن يُملأ من بعدها ويردف "لقد أتعبتِ مَن بعدَك يا فائزة" .
"ولأنها أعطت دينها بحب .. فقد شعر الجميع بألم فراقها وبالفراغ الكبير الذي تركته خلفها "بصماتها المميزة ستبقى شاهدة على عمق حبها ومدى عطائها ".
عزائنا ونحن جميعا المعزون بفقدها فقد رحلت إلى عالم الخلود وبقينا نعالج سكرات اليتم ونتسربل بدموع الفراق ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
ولأنها أعطت بحب.. فقد شعر الجميع بألم فراقها وبالفراغ الكبير الذي تركته خلفها.
بصماتها المميزة ستبقى شاهدة على عمق حبها ومدى عطائها.