حوار : عاشق الشاي صادق آل إبراهيم

شبكة أم الحمام حوار: سلمان العيد

عاشق الشاي، صادق آل إبراهيم لــ " الخط"
تجارة الشاي مع والدي كانت "جامعتي" المفتوحة
هذه هي قصتي مع محاولات التقليد والإبتزاز
تنازلت عن 16 وكالة تجارية لأظفر بـ "وكالة" شاي الوزة
خسرت وكالة الشاي وأنا معاق، وعادت لي وأنا في المنزل
التجارة تخصص ولن أدخل سوقي العقار والأسهم

 

رغم إعاقته الجسدية، والصعوبات التي تواجهه في إدارة نشاطه التجاري، إلا أنه يحمل إرادة من نوع خاص، تجعله يتابع كافة أنشطته التجارية من المنزل، إذ أن آثار الجلطة التي أصابته قبل بضع سنوات كانت واحدة من جملة تحديات وصعوبات استطاع أن يذلّلها ويتجاوزها، مما يجعله قادرا ـ بفضل الله ــ على المضي قدما من نجاح إلى نجاح.

إنه صادق عبدالكريم محسن آل ابراهيم، أحد رجال الأعمال في المنطقة الشرقية، وتحديدا في محافظة القطيف، وأحد وكلاء شاي الوزة، الذي يعد أحد ثلاثة اسماء هي الأبرز في عالم الشاي، ذلك المشروب الذي لا تخلو منه ديوانية، ولا استراحة، ولا يغيب عن أي مناسبة حزينة  كانت أو سعيدة.

آل إبراهيم الذي احتفى مؤخرا بزفاف أحد أولاده، والولد الوحيد الذي امتهن مهنة والده وجده، ودخل عالم المال والأعمال، قد أوضح لــ "الخط" بأنه ــ طوال حياته العملية ـ قد تنازل عن 15 وكالة تجارية لسلع ومواد غذائية يطلبها المستهلك المحلي، مكتفيا بوكالة الشاي، التي تعرّضت هي الأخرى لجملة من الصعوبات والضغوطات التي كاد أن يخسرها، ومن ثم تحرم المستهلك المحلي من سلعة غذائية تأتي له من مصدرها دونما غش أو تزوير، أو إضافة.

عن هذه الموضوعات وغيرها، تحدث لنا في الحوار التالي، الذي استمر ساعتين بلا توقف، كان خلالهما صريحا وواضحا، يتحدث بدون تحفّظ، على خلاف المألوف عن العديد من رجال الأعمال الذين يتعاملون مع التصريح الصحفي مثل تعاملهم مع أي سلعة تجارية، ينبغي ان "توزن" و"تسعّر" او تقاس بالمثلث والمسطرة والفرجار. فماذا يقول آل ابراهيم؟
نقطة البدء

في البداية طلبت منه إعطاء القراء نبذة مختصرة عن فترة الطفولة والمدرسة فقال:

درست المرحلة الإبتدائية في دولة البحرين الشقيقة (مملكة البحرين حاليا)، بحكم مرافقتي لوالدي (يرحمه الله)، الذي قضى ردحا من عمره هناك، كونه يزاول النشاط التجاري، وذلك لأهمية البحرين في تلك الفترات، بحكم ارتباطها بالهند مباشرة خلال فترتي الأربعينات والخمسينات، لأن مولدي كانت تقريبا عام 1949 ولكن بعد الابتدائية رجعت إلى البلاد مع الوالد، وأنهيت المرحلة المتوسطة والثانوية، وقد حالت بعض الظروف الشخصية دون مواصلة الدراسة الجامعية، عدا أنني في العام 1979 ذهبت الى بريطانيا وقضيت عامين كاملين لدراسة اللغة الإنجليزية، وذلك لتسهيل العمل التجاري، والتواصل مع العالم الخارجي.

وكيف نشأت العلاقة الحميمية بينكم وبين العمل والنشاط التجاري؟ هل جاء بالوراثة أم بالرغبة، أم هو نشاط فرضته الظروف الحياتية الموضوعية؟

في الحقيقة إن عدم الدراسة الجامعية لم تكن عائقا لي للإنطلاق نحو العالم الرحب، كما لم تكن دافعا لنشوء علاقة بيني وبين التجارة، ذلك لأنني كنت من المرافقين للوالد في كافة أنشطته التجارية منذ نعومة اظفاري، فعملت معه وعمري 16 عاما، فعلى الرغم من حبي للدارسة، إذ كنت من الأوائل بين الطلاب، إلّا أن ذلك لم يحل دون تحقيق النجاح المنشود في التجارة، وقد استفدت  كثيرا من فترة البدايات، فالوالد كان من أوائل التجار الذين حصلوا على وكالات خارجية لتسويق سلع عالمية في السوق السعودية، وكان التركيز من قبله (يرحمه الله) على المواد الغذائية، ولم أكن أنا لأتوجه غير توجه والدي، وأقوم بنشاط مغاير، رغم وجود العديد من المغريات للعمل في الأنشطة المختلفة، على طول الوقت.

على ضوء ذلك هل نقول أن المسألة جاءت وراثة بالدرجة الأولى، انطلاقا من قاعدة "من شابه أباه أو أخاه فما ظلم"؟

يمكن أن يقال كذلك، فالوالد رسخ فينا حب العمل، وحب الجد والاجتهاد، هذا فضلا عن تقديسه (يرحمه الله ) للأمانة، والبحث عن الجديد، والحرص على التنويع، دون الإخلال  بالتخصص.

وكيف يكون هناك تنويع والبحث عن الجديد مع وجود التخصص، وكيف نجح الوالد في ذلك؟

يحدث ذلك، لقد كان نطاق عملينا ونشاطنا التجاري منذ عهد الوالد هو تجارة المواد الغذائية، فنحن ـ بموجب هذا التوجه ـ متخصصون في هذا الجانب، وكل نشاطاتنا متعلقة بالمواد الغذائية، لكننا ـ في الوقت نفسه ـ متنوعو التعامل مع أكثر من سلعة غذائية، فقدج كنا وكلاء عصير "ميتسوبيشي"، وفاصوليا "اسميدلي"، كما كنا وكلاء لنوع معين من الخضار المشكلة المعلبة، والتي يتم جلبها واستيرادها من رومانيا سابقا، وكذلك حليب "بوني بيبي" المشهور، عدا ان الأبرز لدينا ولدي أنا على وجه الخصوص هي وكالة شاي الوزة، حيث كنت مساعدا للوالد، الذي جعلني مسؤولا عن الشاي في المؤسسة.
العلاقة مع الشاي

هل يمكن ان تصفوا لنا تلك العلاقة الحميمة مع هذا السلعة العالمية؟

لا شك أن قصة علاقتنا مع الشاي، وتحديدا شاي الوزة جميلة وذات عبرة، وتستحق التوقف كثيرا، فكما سلف القول بأن الوالد كان يعمل تاجرا في البحرين، والعائلة جميعها تعمل في التجارة من خلال تجارة الأرز والتمور وباقي المواد الغذائية، وفي فترات ماضية لم تكن الدمام مركزا تجاريا، حيث لم يظهر الى النور ميناء الملك عبدالعزيز، فكنا ننقل البضائع من البحرين عن طريق القوارب (اللنجات)، وذات مرة كنت مع الوالد في زيارة الى الكويت، وحللنا ضيوفا على الحاج سليمان العبدالعزيز العبدالكريم الذي أراد أن يقدم للوالد هدية، فطلب منه تسويق شاي الوزة في المملكة، وكان ذلك في العام 1969 وبدأنا ننقل الشاي من الكويت الى المملكة بدءا من العام 1971، لكننا قمنا بالاستيراد لصالحنا بدءا من العام 1971 وكانت لي أول زيارة الى  سيلان عام 1976

أين كان نطاق عملكم، هل هي منطقة القطيف، أم تجاوزتم هذه الحدود، إلى باقي مدن ومحافظات المنطقة الشرقية، ومن ثم باقي مناطق المملكة؟

في الحقيقة إن نشاطنا لا يزال يتمحور في الدمام والقطيف والأحساء وحفر الباطن وعرعر، ولدينا علاقات جيدة مع التجار في الشمال، ولدينا بائعون يتواصلون معهم بشكل مستمر.. ولعلي أشير هنا إلى أن تلك الفترة كانت خصبة بالنسبة للحركة التجارية في المنطقة الشرقية، حيث ازدهرت مع دخول حقبة السبعينات حيث ارتفعت أسعار النفط، ودخلت العشرات من العمالة الوافدة، مما أسهم في انفتاح السوق، وازدهار التجارة، خصوصا تجارة الشاي.

من المعروف أن الشاي في السوق السعودية، يتسم بالتنوع، وكثرة الأسماء، فنجد ما يشبه الغابة في كل مركز تسويق، فهل هذه الاسماء حقيقية تؤكد التنوع في الوكالات أم كلّها أسماء مختلفة لأصل واحد؟ وماذا تفسرون ظاهرة كثرة الماركات العالمية التي نسمع عنها كل يوم؟

في تلك الفترة، أي في الستينات والسبعينات، أي في الفترة التي دخلت الأسواق السعودية أسماء عديدة تعود إلى نماذج مختلفة من الشاي، فكانت هناك أسماء منها "ربيع، أبووردة، وليبتون، وأبوزهرة، ابوجبل" فما كان منا إلّا أن اضفنا لها إسما جديدا هو شاي الوزة،  حتى أصبحنا ــ بتوفيق الله ــ  أحد ثلاثة أسماء هي الأبرز من بين كل تلك الأسماء، فهي المستمرة في المنافسة مع بعضها، في ظل غياب أو عدم استمرار الأسماء الأخرى.. ورغم تأخرنا عن غيرنا في دخول السوق إلّا أن تواجد وحضور منتجنا في الاسواق المحلية بات واقعا، إذ يسيطر شاي الوزة على نسبة بسيطة من سوق الرياض، و85% من سوق الأحساء، ورغم المنافسة الكبيرة والحادة بين هذه الأسماء إلّا أننا أصبحنا من أكبر مستوردي الشاي المعبأ من سيلان، وقد تطور نشاطنا في هذا الجانب من 200 صندوق بوزن 600 كغم عام 1971 لنصل إلى 600 الف كغم، خاصة وإن نوعية الشاي الذي نتعامل معه يتسم بالجودة العالية، إذ يحمل رمز الجودة (FBOP) الذي يعني أن الشاي الذي نسوّقه يحمل إسما عالميا.. كما أننا الشاي الوحيد الذي يقدم بدون مشبك معدني بالنسبة لشاي الأكياس ( تي باج)، وهذا ما يجعله أكثر أنواع الشاي تميزا من الناحية الصحية، وهذا ما ساعدنا لأن نبيع الشاي على وزارة الصحة، علما أن المشابك المعدنية ممنوعة في أكياس الشاي في الأسواق الأوروبية .

مع هذا النمو في استيراد الشاي وتجارته محليا، هل توقفتم عن التعامل مع المواد الغذائية الأخرى التي تحدثتم عنها قبل قليل؟

في الواقع استمرت علاقتنا مع المواد الغذائية الأخرى، بل بالعكس في وقت ما تطورت تجارتنا من الفاصوليا الحمراء المطبوخة (اسميدلي)، فمن 200 كرتون بداية علاقتنا بهذه السلعة، حتى بتنا نبيع 60 حاوية (كونتينر) سنويا، ولكن بعد وفاة الوالد ذهبت الوكالة  حسب النظام الإنجليزي إلى مؤسسة وطنية أخرى وتم تعويضنا ماليا مقابل ذلك، لكننا مع ذلك تعاملنا مع ماركة أخرى من الفاصوليا إسمها (موريل) تتألف من مكونات فاصوليا (اسميدلي)، بالإضافة الى قشطة (أطلس).

الأصل والتقليد

خلال الفترات الأولى السابقة للطفرة النفطية، في بداية  كانت وسائل النقل بدائية، إذ لم يكن هناك ميناء مثل ميناء الملك عبدالعزيز.. كيف تغلّبتم على هذه العقبة؟

لقد أشرت قبل قليل إلى أننا كنا ننقل البضائع من البحرين عن طريق القوارب (اللنجات)، وحدث أن اصطدم أحد القوارب الناقلة لبضاعتنا مع انبوب النفط الممتد إلى  البحرين و يعود إلى شركة أرامكو، ما أدى إلى غرق القارب، وتلف  كامل البضاعة التي تبلغ قيمتها في ذلك الوقت 200 الف ريال، التي تعادل في مثل هذا الوقت حوالي 5 ملايين ريال، وبعد سنوات من الأخذ والرد ووصول القضية إلى القضاء استطعنا أن نكسب القضية وتم تعويضنا، لأن الخطأ لم يكن صادرا عن طريقنا، وإنما الشركة لم تضع أي إشارة ضوئية توضح بأن الطريق نفطي ويمنع العبور عليه، ولعلّي أتذكر أن محامي الشركة حينها كان اسماعيل الناظر، بينما كان محامينا غلوم باقر.

من المعروف أن هذا النوع من التجارة يتطلب دعما لوجيستيا مستمرا، ألم تفكروا في التصنيع المساند، مثل صناعة التعبئة، أو صناعة الصناديق المخصصة لذلك، او حتى التصنيع الغذائي؟

فكرنا في مسألة التعبئة، بأن تتم محليا، لكننا وجدنا أن العملية مكلفة، فواصلنا طريقنا في استيراد الشاي المعبأ من سيلان.

كيف تعاملتم مع المنافسة، حيث أن هناك عشرات من الأسماء تؤدي النشاط الغذائي؟

في القطيف كان هناك محمد طه الحداد، والمرحوم عبدالله القفاص، ومحمد تقي البحارنة، وغيرهم لكن وجودهم لم يؤثر علينا ولا على نشاطنا، ولم نجرج جميعا عن نطاق المنافسة الشريفة

إذن ما أبرز العقبات التي واجهتكم وكيف تمت المعالجة؟

منذ زمن بعيد والسوق السعودي كبير، ويستوعب الجميع، لكن المشكلة التي واجهتنا في وقت ما هي مشكلة التقليد، فقد عانينا من هذه المشكلة كثيرا، وتعرض شاي الوزة للتقليد سبع مرات خلال الأربعين عاما الماضية، خسرنا من أجل محاربتها حوالي 500 ألف ريال، كلها أجور قدّمت للمحامين، ولكننا ـ بفضل الله ـ تمكنّا من تجاوز هذه المعضلة، ولعلّي هنا أتذكر تلك المواقف وأشعر بشيءٍ من الأسى والحزن على البعض ممن يريد أن يربح على حساب ومعاناة غيره، ويتم ذلك بوسائل غريبة عجية، فالشاي الذي نسوّقه هو شاي الوزة، نفاجأ أن نوعا آخر من الشاي يدخل السوق تحت إسم "شاي الوزة"، ولكن أي وزة، إنها وزة ذات أرجل، او يقوم بتغيير التسمية إلى شاي الوزير، بدلا من شاي الوزة، فما يكون منا إلا إقامة الدعوات والشكايا على هذه الممارسات التي تنطوي على شيء من الغش التجاري والتدليس، وكان آخر دعوى رفعت من قبلنا في العام 1994 حيث دخل شاي من الهند عن طريق دبي، وتمت تعبئته في الأحساء، وتم تسويقه تحت اسم "شاي الوزة"، فما كان منّا إلا رفع القضية وقمنا بالشكوى وتمت معاقبة االجاني بغرامة قدرها 50 ألف ريال، مع إيقاف سجلّه التجاري لمدة ستة أشهر. وذات مرة قام أحدهم بشراء 2000 كرتون شاي من عندنا، وقام بعملية تقليد لــ 10 آلاف كرتون شاي يحمل الماركة التي نسوّقها، وحينما قمنا بالشكوى عليه قال بأنه اشتراها من عندنا، لكنها حيلة لم تنطل على أحد، فكان الكرتون المقلّد يختلف عن الكرتون الأصلي، إذ تتغير صورته مع أشعة الشمس، فانكشفت حيلته، ومن هذه الحادثة لم يعد هناك من يقوم بتقليد المنتج، الذي هو شاي سيلاني بنسبة 100% لم يتم خلطه بأنواع أخرى من الشاي يتم جلبها من الهند أو ماليزيا أو فيتنام أو كينيا.

لعل سؤالا يثار في هذا الصدد هو كيف نعرف أن هذا الشاي أصلي، وذاك مقلّد؟ وبصيغة أخرى ماذا قدمتم للإثبات بأن منتجكم يحمل مواصفات مغايرة عن غيره من الأسماء؟

في الحقيقة إننا نمثل شركة استكتلندية تتعامل مع العديد من الدول منها الهند وكينيا وسيلان، وبالنسبة لنا نتعامل مع النوع السيلاني، وإذا جئنا الى مسألة الجودة فهيئة الغذاء والدواء تقرر نوعية الجودة، ومع هذا فإن المنتج لا يبقى في الأرفف والمستودعات أكثر من 3 أشهر، ويختفي من السوق في غضون 6 أشهر، لنقوم بجلب كميات إضافية، علما أن أسعار الشاي قد ارتفعت في الأسواق العالمية .

بعد انتهاء معضلة التقليد، ألم تظهر لكم مشكلات أخرى في السوق، ام بقت الأمور كما هي؟

لم تبق الأمور على حالها، فقد دخلت في شراكة تجارية مرتين، وكان الواحدة أكثر فشلا من الأخرى، وكلاهما تدور حول محور الغش والتدليس والإبتزاز، أما الأولى فقد اتفقت مع أحدهم على أن تكون التجارة مشتركة بيننا، فأنا أوفر الماركة، وهو يوفر المال، ووضعنا شرطا يقضي بتغريم أي واحد يفسخ الشراكة بحوالي 500 ألف ريال، وما هي إلا فترة قصيرة إذا بصاحبنا يريد تقليد المنتج الذي نسوّقه بمنتج آخر، وغرضه في ذلك تحقيق المزيد من الربح، فاختلفت معه، ووصلت القضية الى ديوان المظالم عام 1996 انتهت بأن دفعت له 500 الف ريال وبقيت الوكالة على حالها.. اما الشراكة الثانية فهي لا تعدو أن تكون "سرقة" فحينما تعرّضت الى جلطة وذهبت الى التشيك للعلاج، فإذا بأحدهم قد ذهب إلى سيلان وأخذ الوكالة من عندهم تحت حجة إني لا أملك القدرة على مواصلة العمل، وبعدها جاءني وأنا على الفراش طالبا مني 5 ملايين ريال مقابل أن أترك الوكالة وتعود لي مرة أخرى، وذلك عام 2004 فتركت الوكالة له، فبدأت أعيد ترتيب أوراقي بمبلغ 65 ألف ريال، وعادت الوكالة لي مرة أخرى، وعوّضت كل خسائري خلال ست سنوات، وذلك لثقة الناس بي، خصوصا في سيلان الذين ما أن عرفوا القضية حتى اعطوني كميات من الشاي آجلة الدفع، فتضاعفت تجارتي 10 أضعاف ما كنت أقوم به قبل هذه الأزمة.

التسويق المحلي والعربي

من المعروف أن الشاي منتج غذائي يتم بطرق مختلفة، حتى بات مرتبطا بالعادات والتقاليد، وطريقة الاستخدام، وربما كانت هذه الطريقة تؤدي الى تفضيل نوع معين دون غيره. هل لديكم معالجة معينة لهذا الأمر بما يحفظ سمعة المنتج؟

إن لكل مجتمع طريقة استخدام تلائمه، لكن الذي ينبغي التأكيد عليه أن ذوق إعداد وتناول الشاي موجود في المملكة ودول مجلس التعاون، إضافة إلى إيران والعراق  وتركيا، وربما كان أبناء هذه الدول من أكثر متذوقي الشاي في العالم، ومع ذلك فلكل مجتمع طريقة معينة من الاستعمال، فالبعض يحب الشاي الخشن، والبعض الآخر يميل إلى استخدام الشاي الناعم، والكل يتفنن في إعداد الشاي، لذلك نحن بدورنا قمنا بوضع وكتابة طريقة للإستعمال مع كل علبة، وذلك بناء على تجارب أجرتها الشركة الأم، اعتمادا على عينات من الماء المحلي نرسله الى سيلان بين فترة وأخرى، فيتم إعداد الشاي من خلاله، فيتم التوصل إلى أفضل طرق الإعداد، وأفضل أنواع الشاي انسجاما مع الماء المحلي.

ألم تقوموا بالتعاون مع تجار موزعين لمنتجكم في بعض البلاد العربية التي لا يصلها المنتج؟ وكم عدد الدول التي يتواجد فيها شاي الوزة؟

لقد كانت لدينا تجربتان فاشلتان في كل من مصر وسوريا، اما الموزع في مصر فقام بإضافة نشارة خشب مع الشاي، فما كان منّا إلا سحب الوكالة منه، والآخر قام بجلب شاي من الهند وتعبئته في أكياس شاي الوزة، وذلك للاستفادة من فوارق الأسعار، خاصة وإن ما كان يستورده من الهند كان من الأنواع الرخيصة، فكان قرارنا أن نسحب الوكالة ايضا.. اما بالنسبة للدول التي يتواجد فيها شاي الوزة فهي كل دول الشرق الأوسط، واستراليا وبريطانيا وامريكا، وكل الدول التي بها جاليات عربية.
اسئلة تقليدية
لعل سؤالا تقليديا يأتي في مثل هذا الوقت يتمثل في السر الذي يجعل من الشاي بهذا المستوى من الشعبية، وهل انتم من شاربي الشاي، ام انتم مثل بائع الدواء يبيعه ولا يتناوله؟

السر يكمن في أن الشاي بحد ذاته لا يسبب أمراضا، بل على العكس هناك دراسات صحية عالمية تؤكد أن الشاي مضاد للأكسدة، خاصة الشاي الأخضر، ونجد أن  شعوب اليابان والصين وماليزيا يشربون الشاي مع وجبه الغذاء لأنه ـ من وجهة نظرهم ـ يسهم في عملية الهضم.. وبالنسبة لي فإنا أشرب الشاي ثلاث مرات يوميا، مرة في الصباح، ومرة بعد الغذاء (ويكون الشاي أخضر)، ومرة بالليل. وفي كل عام تزداد نسبة مستهلكي الشاي في السوق المحلية، كما هو الحال في العالم، لذلك تركت 16 وكالة تجارية واكتفيت بوكالة الشاي مع وكالة سكر المكعبات المستورد من تركيا.

على ضوء ذلك الم تفكروا يوما في تغيير النشاط الاقتصادي من نشاط تجاري إلى آخر، كدخول سوق الأسهم أو سوق العقار؟

التجارة مثل غيرها من أنشطة الحياة تسير بموجب التخصص، فأنا لا أحب أن أجرّب شيئا لا أعرفه، لذلك لم أدخل سوق الأسهم، ولا سوق العقار، ولم يكن لي أي توجه نحو القطاع الصناعي، فلكل أهله.

ما سر هذا التقسيم بين أنواع الشاي، فهناك الشاي الأخضر، والشاي الأسود، وهناك الشاي الخشن والشاي الناعم؟

الشاي أنواع، فهناك الشاي الناعم، والذي يفضّله أهل اليمن والسوريون والمصريون، وهناك الشاي الخشن ذو الورقة الطويلة والذي يفضه اهالي المنطقة الشرقية والرياض، بل وعموم أبناء الجزيرة العربية، فلا تعدو المسألة أن تكون أذواقا استهلاكية.. وأما بالنسبة لتقسيم الشاي إلى أخضر وأسود فهذا يعود الى طريقة إعداده قبل أن يصل الى المستهلك، فالشاي الأسود يتم تحميصه لمدة 6 ساعات على حرارة عالية، بينما الشاي الأخصر فيتم اختصار وقت المعالجة لفترات أقصر ودرجة حرارة اقل.

وأخيرا، لقد ظهرت مصطلحات حديثة في عالم الاقتصاد والمال، مثل العولمة، والسعودة، وغير ذلك . كيف تعاملتم مع هذا العالم الجديد؟

لعل أبرز المؤثرات على النشاط الاقتصادي المحلي هي ثورة الاتصالات، فقد كنا نستخدم البرقية ثم التلكس، ثم الفاكس، بعدها البريد الإلكتروني، والآن نستخدم هذا الأخير عن طريق الهاتف المحمول، فمن خلال هذا الهاتف يمكن ان ننجز العديد من الأعمال وتحقيق العديد من الانجازات، وكانت هذه الثورة احد أبرز وجوه العولمة فصرنا نرى العالم كله ونحن في منازلنا، ومع ذلك أجد أننا لا نزال اقل من غيرنا في التعاطي مع العولمة ومعطياتها.. وبالنسبة للسعودة فلدي عدد من الشباب السعوديين المخلصين لي في العمل، ومن خلالهم تسير المؤسسة على أكمل وجه، ولدينا محفزّات تقدم لأي شاب سعودي، فيمنح الراتب الشهري، مع سيارة ، اضافة الى نسبة معينة في المبيعات.

ما هي رسالتك التي تود تقديمها إلى الأجيال الناشئة؟

منذ أن كنت صغيرا وأنا احب القراءة خصوصا في الأدب والتاريخ السياسي، لذا فأنا أنصح الأجيال الجديدة بالقرءاة والمطالعة فهي الكاشفة للكثير من الغموض في هذه الحياة، وهي السلاح الذي يمكن ان يحمله الواحد منا لمواجهة تقلبات الحياة وصروف الدهر. ولعلي في هذا المجال أتذكر أنّني كنت مواظبا على قراءة مجلتي سندباد وسميراميس وحينها اشتركت في مسابقة نشرتها مجلة سمير اميس عام 1963 وفزت بجائزة وهي عبارة عن كتاب الثورة للرئيس الراحل جمال عبدالناصر ومن ذلك الوقت اعجبت بهذه الشخصية العربية، وحتى هذه اللحظة.