للعقل المدبِّرتنبهوا
إنّ للعقل المدبر في تعامله مع العالم الخارجي حالتين هما : الحالة الأولى " داخلية " حيث يقوم باستخدام حدسه ليأخذ موقف من الأشياء من حوله، والحالة الأخرى " خارجية " ومن خلالها يقوم بالتعامل مع المواقف حسب ما يمليه عليه عقله ومنطقه، والعقل المدبر يعيش في عالم الأفكار والتخطيط الإستراتيجي، وهو يقدِّر لحد كبير الذكاء، والمعرفة، والكفاءة، وغالباً ما يكون لديه مستوى عالي من تلك الأشياء يحاول الوصول إليها وتحقيقها، وكذلك هو حاله عندما ينظر ويتوقع من الآخرين.
وبالرغم من أن صاحب شخصية " العقل المدبر " تغلب عليها الإنطوائية والحدسية إلاّ إنّ ذلك يساعده على ملاحظة ما يحدث في العالم الخارجي من حوله، وبإستمرار يحاول تركيز طاقته لتوليد أفكار واحتمالات، فعقله بإستمرار يجمع المعلومات ويحاول ربطها واستنتاج العلاقات بينها، وهو سريع البديهة ويستطيع فهم أي نظرية جديدة تمر عليه بسرعة كبيرة جداً. ولكن غالباً ما تكون رغبته ليس في فهم النظرية أو الفكرة، بل في إيجاد تطبيق منطقي وعملي لها، وهذا ما يجعله مملاً من نظر أصحاب فكرة " الطبق المسلوق " .
إنّ نظرته الثاقبة، وإيمانه بالتنظيم، وحرصه على إيجاد نظام ثابت في العمل، تساعده على وضع الأفكار في صيغة مبسطة ومفيدة لبيئة العمل، وقد يصعب على البعض إستيعاب أفكاره والنظر إليها على أنها تتصف بالمثالية الزائدة، ولكنه بطبيعته الإستيعابية يحاول تبسيطها ووضعها في شكل مبسط للآخرين من حوله.
وغالباً ما يعمد إلى تسهيل أفكاره ورؤاه بتحويل تلك الأفكار إلى نظام أو تطبيق مبسط يمكن شرحه بشكل أسهل دون توريط نفسه ومن حوله في شرح النظرية التي أسّس عليها هذا النظام، لأنه لا يؤمن بشرح أفكاره بشكل مباشر، ويجد صعوبة في شرحه لأفكاره التي غالباً ما تكون معقدة جداً. ولكن تقديره للعلم قد يجعله يتخطى ذلك ويقوم بشرح نظرياته لبعض الناس إن رأى فيهم الشغف والرغبة في التعلم دون سخرية منه أو إستهتار عليه.
وبالرغم من أن صاحب شخصية " العقل المدبر " هو قائد بطبيعته، لكنه يفضل التواري والبقاء في الظل إلى حين بروز الحاجة لتولي القيادة حينها يتسلم القيادة ويبرع فيها، ويساعده على ذلك قدرته على الرؤية للحالة بموضوعية، وأيضاً قدرته على تغيير العمليات التي تتم بشكل غير صحيح، فهو مخطط إستراتيجي ذو قدرات عالية جداً، له قدرة على المقارنة بين الأفكار والعمليات الحالية والأفكار البديلة وإختيار الأفضل أو وضع مخطط في حالات الطوارئ، ورغم كل تلك الإيجابيات لصاحب هذه الشخصية الإستثنائية، إلاّ أن هناك ما يخدش هذا التميز الفكري في شخصيته، فهو لا يتقبل النقد لثقته المفرطة في ذاته، ويميل إلى الإنطواء والغموض، ويتصف بالبرود العاطفي في علاقته مع الآخرين لطغيان المد العقلي على تفكيره مما يقلل حظوظه في بناء علاقات تبادلية بنّاءة في محيطه الإجتماعي والمهني على حدٍ سواء .