متعة التوتر الوظيفي
هل يُعتبر التوتر مصدراً للألم؟ وهل يُعد التخلص من ضغوطات الحياة ومنها ضغوطات العمل شيئًا مفيدًا؟ أم أن تلك الضغوطات باب مفتوح من التحدي الذي هو بمثابة وقود للنجاح ؟ وهل الإعتقاد الذي ترسخ في أذهاننا بأن التوتر أو الضغوطات الحياتية إنما هي مترادفة مع الإحساس بالمعاناة والوجع إعتقاداً صائباً ومقبولاً في إطار التفكير الإيجابي؟
ولقد قامت مؤسسة العلوم الدولية بالولايات المتحدة عام 1977م بدراسة توصلت فيها إلى أن التوتر هو أحد المشاكل الرئيسة التي تؤثر على حياتنا اليومية، وأنه يمكن أن يؤدي إلى القصور النفسي والجسمي والإجتماعي، كما أنه يتسبب في خسارة 10 مليون دولار سنويًّا، تُنفق على أسِرة المستشفيات، ونتيجة لأيام تضيع بدون عمل.
ولكن في المقابل يقول د. بيتر ج. هانسون: ( التوتر لا يقتل السعادة في حياتك، بل بالعكس، التوتر يساعد في تحقيقها )، والدليل على ذلك – كما يقول – أن بعض الناس يمارس رياضات مثيرة للتوتر مثل: الملاكمة، والمصارعة، أو التزحلق على الجليد، وفي الوقت الذي تظن أنها تمثل مصدر إزعاج، وتوتر، ومخاطرة بالنفس، تمثل بالنسبة إليهم ذروة المتعة في الحياة وهم يقبلون عليها بكل سعادة واطمئنان.
من هنا فالتوتر يمكن أن يكون مصدراً للإحباط والشعور بالضيق والضجر، ويمكن له في الوقت ذاته أن يمثل حافزاً للتحدي الإيجابي، ودافعاً لتسلق السلم الوظيفي بجدارة وثبات، ومنشطًا قويًّا للخيال، لا سيما إذا وُظِّفَ في العثور على بعض الحلول، أو ارتياد بعض الآفاق الجديدة، والمهم هنا هو كيفية رؤية الناس إلى التوتر، والتعاطي معه.
وبالرغم من أن التوتر يتسبب في ظهور مجموعة من الأعراض الغير مُستحبة على الإطلاق، كالشعور بالعجز عن أداء أمر ما، والإجهاد، والقلق المستمر من المستقبل، ومرض القولون العصبي، وقرحة المعدة، فإنه لحسن الحظ ليس هناك توتر في العالم، لكن هناك أناس يفكرون في أشياء تدعو للتوتر والقلق، وإنّ تغيير طريقة التفكير يؤدي بالضرورة إلى تحسُّن المشاعر والأحاسيس وبالتالي يتحقق إرتقاء السلوك وازدهار النتائج.
وعليك أن تتذكر دائماً بأنه لا يوجد في هذا الكون الفسيح من في مقدوره أن يُوجد الغضب أو التوتر أو القلق أو التشاؤم بداخلك، بل وحدك ولا أحدٌ سواك المسئول مسئولية مباشرة عن ذلك من خلال الطريقة التي تسُوس بها عالمك، والإسلوب الذي تتحدث به إلى ذاتك.