أحبُّ عملي ولكن ..

 

 

 

كلنا يعرف ما يعنيه الجلوس في إجتماع غير مثمر، ولا يمثل سوى مباريات في فنون الحديث، ومبارزات في طرح سيل من الإقتراحات التي ينامُ أغلبها في ملفات الغبار، أو إنهُ يذهب في رحلات مكوكية ليس لها نهاية بين الجهات أو الإدارات المعنيّة، وقد تكون أيضاً ممن يصيبهم الإحباط كلما ذهبوا إلى عملهم صباحاً فلا يجدون ما ينتظرونه من التعاون الفعّال، فالكل يُغني على ليلاه، أو أنه يدّعي وصلاُ بليلى، والتي هي الأُخرى لا تقرُّ لهم وصالا. 

في مثل هذه الظروف والأحوال غالباً ما ستجد أن هناك صورتان لردود الفعل تجاه غياب  أو ضعف " العمل الجماعي التكاملي الفعّال " فإمّا أن تنسحب ولا تفعل شيئاّ، وإمّا أن تتخذ موقفاً إيجابياً وتطلب ممن هم حولك وشركائك في المهام بما عليهم أن يفعلوه، ومع هذا فإن إختيار أحد الأمرين لن يُثمر نتيجة فاعلة، لأنك إذا تجنّبت المشكلة ولم تفعل شيئاً فلن يتغيّر الوضع القائم وعلى أحسن الأحوال فإنك بذلك القرار التجنُّبي لن تضر كما أنك لن تنفع أو تفيد، ولكن السبب الحقيقي وراء المشكلة سيظل قائماً .

كما أن محاولة تصحيح مسار الآخرين " الغير متعاونين " لن تُجدي نفعاً، فكم من مرة رأيت بأم عينيك زميلاً لك يحاول تحسين طريقة الأداء الجماعي دون جدوى وتبوء جهوده المخلصة بالفشل، وأحياناً تبادر إلى تقديم إقتراحاً للآخرين ولكنك تجابه بالرفض وعدم القبول دون سببٍ مقنع ووجيه، كما أنك ربما لا تسلم من النقد الجارح من هؤلاء المتخاذلين كأن يُقال لك : من تظن نفسك ؟ أتظن نفسك المدير؟ وإزاء كل هذا النقد العنيف لا تملك إلاّ أن تهزَّ كتفيك قائلاً : وماذا يمكنني أن افعل حيال ذلك؟ على كيفكم !! 

ومع هذا فالمشهد ليس بهذا القدر من الكآبة وخيبة الأمل، فكلنا يعرف مجموعات تعمل بشكل دقيق ومتناسق مع بعضها البعض لا سيما إذا ما حظِيَت بقائدٍ إنساني يمتلك المهارة الكافية لإدارة فرق العمل، وتوحيد جهودها، وتوطيد العلاقة الإيجابية بين أعضائها، مما يوفر الجو الصحي والحاضنة الإستقطابية بما يساعد على تعزيز التعاون بين أفراد المجموعة، ويُساهم في خلق نموذج لعمل الفريق الفعّال.

وما دام الأمر كذلك فيجب أن تعلم - يا عزيزي – أنّ إلقاء لائمة الفشل على الزملاء في فريق العمل، إذا لم تتمكن من التأثير فيهم، معناه الوصول إلى طريق مسدود في حل المشكلة، فإذا ما سلّمنا جدلاً أنك تعمل مع فريق عمل غير متجانس، أو تشعر بصعوبة بالغة في هضمك لمواقفهم وسلوكهم الفارغ من الحماس، فلا سبيل أمامك إلاّ التكيُّف مع الوضع القائم وأن تؤدي دورك في الفريق بما يرضي الله، أو أن تعتذر عن الإستمرار في هذه المهمة بذوقٍ رفيع، دون الإساءة لبقية أعضاء الفريق . أمّا إذا كنت أنت سبباً في المشكلة فهذا يعني أنه بيدك المساهمة في تحسين الوضع من خلال تحسين دورك في العمل الجماعي، بدلاً من إلقاء اللائمة على الآخرين وحدهم دونك، وهذا فيه حيفٌ كبير.

إستشاري سلوك وتطوير موارد بشرية