مظلومْ يا ناسْ

 

ربما أنت تعاني من تسلط مدير ظالم - وفقاً لإعتقادك – لأنه ينتهك حقوقك المعنوية أو يهينك، أو يكلفك فوق طاقتك، أو يحجب عنك الثقة، ويُرقِّي من هو دونك في الكفاءة والمؤهلات، والخدمة، والتدريب، والمهارات الشخصيّة، والإخلاص في العمل !!

فضلاً، تريّث قليلاً ولا تُحمِّل الأمور أكثر مما تَحتمِل. إشفق على نفسك ولا تظهرها أمام الآخرين من حولك بأنها دون النضج الإنفعالي، وإدارة الذات بكفاءة وفاعليّة، ولا بد أن نتأكد هل انت مظلوم حقاً ؟ فكل إنسان يرى نفسه بعين الكمال، وربما كنت تحصل على ما تستحقه بالضبط وأكثر، وربما كنت مقصراً في عملك دون أن تشعر، أو أن أداءك لا يؤهلك لما تطمح له من الموقع الوظيفي.

لذلك يجب أن تحاكم نفسك وفق معايير قياسية محايدة ، وبالمناسبة فهناك خطأ شائع وهو أن تقيس نفسك بالآخرين، فكون أن فلان الذي هو أقل منك في المستوى قد نال فوق ما يستحقه لا يعني بالضرورة ذلك أنك لست في الموقع الذي تستحقه فتنبّه، ولا تُبالغ في التحيُّز إلى ذاتك، وتعلّم فنون التفاوض مع الآخرين – وليس النفاق - لتحصل على ما تريد.

وإنني اتفق معك تماماً بأن تمييز من هم أدنى منك لأسباب لا علاقة لها بمصلحة العمل فيه ظلمٌ كبير، وغياب واضح للعدالة والإنصاف، ولكن ما دمت تنال ما تستحقه تماماً فدعك من هذه المقارنات النسبية، وأما إذا كان كل من فوقك في المرتبة الوظيفية – بمن فيهم المدير الظالم كما تعتقد – أقل منك في قدراتهم، ومؤهلاتهم، وخبراتهم، وخدمتهم، فمن الأفضل لك أن تبحث عن مكان عمل آخر إذا أمكن لك تحقيق ذلك، ولكن دون أن تترك خلفك أيّ ضجيج .

عزيزي : إذا سلّمنا معك بأنك مظلوم فعلاً، وإنّ حقوقك الوظيفيّة يتم إنتهاكها على نحوٍ صارخ، وإنك تُعاني من التجاهل المقصود ممن أنت في ذمتهم، وإنك ضحية للتعسف الوظيفي، والمزاجيّة الإدارية، والشلليّة، والإصطفافات البغيضة، فلا تتحول إلى ظالم، ويجب عليك أن لا تظلم نفسك بالتقصير في أداء مهامِّك مهما بلغ إحباطك وإلاّ أصبح راتبك الذي تتقاضاه في نهاية كل شهر سحتاً ومالاً حراماً.

كما إن ظلم المدير لك لا يبرر ظلمك إيّاه من خلال ترديد الإشاعات غير الموثوقة عنه أو إظهار الشماتة بمصائبه، أو غيبته والتحدث عنه بما يكره في ظهره، صحيح أنه يُستثنى شرعاً من الغيبة الشكوى لظالم أو طلب الإستشارة، أو الحديث عن المدير المجاهر بفسقه وظلمه، ولكن الأسلم أن تجتنب الغيبة لكي تحتفظ بحسناتك لئلا تذهب إلى مديرك الظالم، ولو كنت حقاً تبغض مديرك لما سمحت له بأن يحصل منك على حسنة واحدة عن طريق الغيبة أو البهتان أو ظلمه بأي صورة كانت، فتتحول والحال كهذا من مظلوم إلى ظالمٍ بإمتياز.

 

 

إستشاري سلوك وتطوير موارد بشرية