القوالب الفكرية والأنماط المتوارثة
تؤثر البيئة الإجتماعية المحيطة بالفرد عليه في نواحي متعددة وكثيرة جدا. ولذلك علاقة وثيقة بشدة بالعادات والتقاليد «الموروثات عموما»، إذ أن هذا كله يخلق لدى الفرد خلفيات تتشكل أحيانا على صورة «أحكام مسبقة» على بعض ما حوله سواء أدرك ذلك أم لم يدركه حتى يتطور بعدها ويتحول إلى «قالب جاهز» ونسخة كربونية عن أحد ما، دون أن يملك أدنى استقلالية في فكره وأفكاره التي وصلت إليه بفضل العوامل والضغوطات الإجتماعية.
إن لغياب الاستقلالية الفكرية عند الفرد العديد من الآثار السلبية التي تنطوي على حياته وعلاقته بالآخرين من حيث التعاطي مع الأفكار، ما استحدث منها وما كان موروثا. ونرى أنه من أبرز المشاكل التي يعاني منها أصحاب هذا النمط الفكري هو فقدانهم للحس النقدي السليم؛ لأنهم - كما ذكرنا أعلاه - يملكون خلفيات وأحكام مسبقة على بعض القضايا التي لم يتح لهم أن يدرسوها ويحللوها بحيث يمكنهم تكوين صورة موضوعية أو على الأقل شبه موضوعية ومن ثم مستقلة وذاتية.
الإشكال لا يقع في موافقة أفكار الفرد وآراءه لمن سبقه أو لمن أخذها عنه، بل إنها تتمركز في عدم تحليله لما يتبناه أو يرثه من آراء وأفكار، أو حتى عادات وتقاليد، وأنه لا يستقصي ويبحث عن أصولها ومنابعها التي أتت منها. وفي المقابل فإنه لا يملك في الوقت ذاته نظرة موضوعية إلى الآراء والأفكار المضادة والمعاكسة.
من جهة أخرى توجد عينات ترفض معظم ماهو موروث، أو كل ما بني على موروث. كما تعمد إلى تسفيهه والحط من قيمته دون وضع أي اعتبارات وبدون الإستناد إلى أسس محايدة وعقلانية «والطريف أنهم يدّعون العقلانية»، أي أنهم يغالون فيما يسمونه العقلانية أو تحرير العقل بتعبير آخر، وأعتقد أن ذلك في بعض الأحيان عبارة عن ردة فعل ناشئة عن البيئة ذاتها!!
نستطيع أن نستنتج من ذلك كله أن السبب الأول والأبرز لمثل هذه الظواهر التي تفشت لدينا بصورة هائلة منذ القدم وبرزت هذه الأيام خصوصا، أقول: إن السبب هو لأننا نتربى وننشأ على صور نمطية متشابهه «إلا من رحم ربي»، هذه الصورة أخذها آباؤنا عن آبائهم، وآباء آبائنا عن آبائهم وذلك بصورة مباشرة...
وهكذا حتى اكتشفنا أننا ندور في دائرة مغلقة،،،
فماذا الآن؟؟؟؟؟