قصيدةُ البحر العموديّة

أَخُوكَ ، يا بحرُ ، يا مَشغُولُ ، هاالشّجَرُ ،
لا كِبْرَ ، يا بَحرُ ، يا ضلِّيلُ ، بَلْ كِبَرُ !
وإنَّ أرضَاً حِفافَاهَا يداكَ ، فلِي مِن هذِه الأرضِ ، طُوباها وأقتَصِرُ !
أبوكَ حَيثُ أنا ، ما عَقَّ والِدَهُ بمثلِ ما خُنتَ خطِّيّيكَ ، وانتَصَرُوا ,
.. تجوزُ نحوكَ أجيادِي لأنَّكَ في أعْرافِهَا الفَرَسُ الإيقاعُ والظّفَرُ
على مَ تغترُّ كُثبانُ الطّحينِ هُنا ، عليكَ ؟ ، يا لأكيلِ العَصْفِ يفتَخِرُ !
ما حُوصِرَ البحرُ إلا بالغُبارِ ، أما ترى الّذين تفانَوا دونَهُ غَبَرُوا ؟
وهل إذَا ما ضِبابٌ عبَّأتْ دَمَهَا بالفارغِ الصِّرفِ ، أنَّ الرّملَ يُعتَصَرُ ؟
البحرُ سيِّدُ هذا الرّحبِ ، عرَّفَهُ لِمُدَّعٍ قلَقُ الأضلاعِ والسَّفَرُ !
باقٍ هو الواحدُ الباقي ، وكُلُّ فِدىً فِداءُ هَذا الّذي دينارُهُ القَمَرُ ‍!
نجلُ البُكورِ ، لهُ في الخطِّ دارُ صِباً حُلو البراحِ ، ومن أسمائه هَجَرُ ...


* *


يا حُبُّ يا بحرُ ، يا نايي ويا شَجَني ويا فُقاعاتِ صابُونٍ ، ويا مَطَرُ
يا حُبُّ ، غُفرانَكَ احْملنِي ، لقَدْ عَصَفَتْ ريحُ الشّياطين بِي ، يا قَدْرُ يا قَدَرُ
ويا حكاياتِ قُربَى الشّهدِ ، سِلتَ على كُمَّيَّ ، إنَّ قميصِي يا هوىً عَطِرُ
يا بحرُ يا حُبُّ ، مَن مِنَّا غَصصتُ بِه ؟... لأنتَ أنتَ الّذي ، مَن منكُما البَطِرُ ؟
.. يا البحرُ يا نَفَسِي ، يا البحرُ يا سُفُني ، مزاجُكَ الموجُ ، هذا الوردُ والصَّدرُ
زدني أخا مِرَّةٍ توقاً يُصاحِبُ بي توقاً إلَى غُرُفاتٍ بابُها الوطَرُ
وها هيَ الكُرةُ الصُّغرى مُلهِّيَةٌ ، مُدللاتُ طفولاتٍ بكَ الأُكَرُ ..
أذنِبْ فكُلُّكَ غُفرانٌ ، وكُلّ يدي قُنوتُ رُهبانِ دَيرٍ ، كُفرَهُمْ غُفِرُوا !
يا حُرُّ ، يا بحرُ ، يا جِسْماً ويا حُلُماً ، كأنَّما امتزجَ الشّيطانُ والطّهُرُ ..
يا بحرُ يا حُرُّ ، يا تَمراً ويا عِنَبَاً ، إذَا تَجنُّ ضُلُوعٌ ، سفكُهُ سَكَرُ
يا صاحبَ الأمرِ يا رَوحَاً ويا فَرَحَاً ، حدِّثْ ، سلمتَ ، عن العُشَّاقِ ، ما الخَبَرُ ؟
دلالَكَ احتَرِف ، الإبحَارُ مُحتَرَفٌ في الرّقصِ ، خُذْ خَصْرَ تاروتٍ ، لكَ الخَطَرُ !
حُوريَّةٌ من هُنا تارُوتَ ، نظرتهَا شَفَّافةٌ ، فكأنَّ الُلؤلُؤَ الْحَورُ !
يا لُؤلؤيَّاتِ تارُوتيةٍ ضَحِكَتْ ، في أهل تارُوتَ ، يا بحَّارةُ ، الدُّرَرُ !
أُعِدُّ جيشِي وأجْنادي وأسْلِحَتِي ، قلْ لي إذَا ضَحِكَتْ لِي ... كيفَ أنْتَصِرُ ؟
يا البحرُ ، مِلحُكَ سُلطانٌ ، وسُكّرُها مَلَاحةٌ ، فاصْطفيها ، إنَّها قَمَرُ ...


* *


يا قَاسيَ القلبِ مِنْ أسمائِكَ الحَجَرُ ....يا لَيِّنَ القَلْبِ ، مِنْ أَعدائِكَ الحَجَرُ
وسُلَّمٌ بقيتْ وقفاً لمنْ سَهِروا ، لكنَّها انفرطتْ غدراً بمنْ غدَروا !
قُل لِي وما الشّعْرُ ، هلْ فتحٌ ومُنتَصَرُ ؟،قُلْ لي وما الشّعْرُ ، هلْ جُرحٌ ومُحتَضَرُ ؟
يَطِيبُ لِي أَنْ أُغَنِّي الأَرْضَ أُغْنِيَةً ، وَقَدْ يَطِيبُ لَهَا مِنْ جَوقَةٍ وَتَرُ ...
يا للفريدةِ مِن شطٍّ ومِن شَطَطٍ ، بلادُ مَن نافِرِي في إرثِهَا الأثَرُ
مرَّتْ ببالِيَ ، أسلوها فَتسألُنِي : أمُتعَبٌ أنتَ ؟ .. كلا ، بلْ أنا ضَجِرُ !
أنَّثْتُ عزلةَ حَيوانِي لأُنقذَهُ مِنْ قانصٍ ذَكَرٍ في حِقدِهِ ذَكَرُ !
ولو تأنَّثَ وحشٌ صارَ قطرَ ندىً ، كُلُّ الّذي لمْ يُؤنَّثْ حفنةٌ حجَرُ ....
قَصْقِصْ فَلاةً كأوراقٍ ، فإنَّ ظمَاً أعْمىً دَليلٌ قَليلٌ أنَّها حَجَرُ !
واحفِنْ أرُزَّك وانْثُره لسِربِ قَطاً ، وعرِّف الحجَرَ الصَّوَّانَ ما الحَجَرُ ...
حشرجتَ بالكبْرِ ،حيثُ الكبرُ مُندلَعٌ على حشائشَ ، فاهدِرْ، وعدُهَا حجَرُ !
ويا سقُوطَ أبينا الأوَّلِ ارتَطَمَتْ أضْلاعُهُ بِكَ ، هذا الماءُ والحَجَرُ ..
ما الموجُ ؟ ، ما حَرَكُ البحرِ العظيمِ سوى هُوِيِّ آدَمَ مِنْ أسْرٍ هو الحَجَرُ !
فإنْ تطامَنَ بحرٌ ، أو غفى ... فلَهُ من آدمٍ سَقطةٌ أخرى ومُنهدرُ !
... فروِّقُوا بنبيذِ الرّيحِ ماءَكُمُ ، واستنفرُوا لتغيظُوهُ فتُبتَكَرُوا !
لا وجهةٌ لهبائيّين ، لا جرماً ، إنَّ الهَباءَ لديهم وجهةٌ نظَرُ ..


* *


هيَّا اعترِفْ ! ، لا تخفْ ، يا صاحِ ، يا أَحَدَ الرّياحِ ، يا أيُّهذا المائرُ الذُّخُرُ
الخوفُ يُنقَفُ ، يا هذا ، كدُمَّلةٍ ، فليتَ خوفَاً ، كفُطرِ اليأسِ ، ينفَطِرُ ...
يا غائباً عن سياقِ السُّوقِ ، عن مَرَحٍ جَافٍّ كأنَّ مُعرَّاهُ الدّمُ الَعكِرُ
.. إنْ فنّدُوكَ فلا تنهَرْ ! ، وقُل لهُمُ : هذا صحيحٌ ، ولا تفجُرْ إذَا فَجَرُوا !
الرّابحُونَ إذَا قاسَتكَ يابِسَةٌ ، أما وقد قستَهُمْ بالْما ، فهُم خُسُرُ !
حلفتُ بالنّورسِيَّاتِ الرّهَافِ بما حوتْ جهاتُ النّهارِ ، الَّليلِ ، يا خَضِرُ ...
لقد تفايضْتَ في أرضٍ لعلَّ بها أواصِراً لرُعاةِ الوعلِ تأتصِرُ
لا يجرمنَّكَ بعرُ الشّاءِ فتتهُ على الوُجوهِ رُخَاءُ الرّيحِ والبَعَرُ !
لا تقصُص الرّؤيةَ الرّؤيا على أحدٍ ، إنَّ المكائدَ ، يا قلبَ الصَّفَا ، غُدُرُ
لكنَّكَ البحرُ لا تَلْوي على أحدٍ ، إذَا تَبحَّرْتَ ، ما سِيفٌ وما جُزُرُ ؟!
الكبرياءُ لكَ ، اشهَرْهَا ، الرّياءُ يدُ الحاوي ، و يا هؤلائي ، آمنُوا ، ادّكِروا !
هل أنتَ مَمْلوكُ مملوكينَ ؟، حِذرَكَ مِنْ شأن العبابيد، إنْ يُستَحكَمُوا احتَكَرُوا ..


* *


.. يا البحرُ ، إنَّكَ ذَوبُ الأوجِ ، بعثَرَةُ العُصُورِ ، طاووسٌ ، النّسرُ الّذي ، النّمِرُ!
وما مُفوَّفةُ الأعذاقِ ، غيرُ صِبَاً وصَبْوةٌ لكَ ، يا شاذٌّ ويا أشِرُ
قل للّذين أرادوكَ : الرّدَى لكُمُ ، أنَا هو البحرُ ، ماذا تصنعُ الإبَرُ ؟
أخْطَأتَ في أنَّ غُرْلاً شاهَدوا دمَهُم ، سيشكرونَكَ ! ، يا رفَّاءُ ، ما الشُّكُرُ ؟
عُراةٌ اتّخذُوا الصّحراءَ قُبعَةً ، طَارَتْ ثِيابهُمُ وانحلَّت الأُزُرُ !
يا هَاجيَ اليَبسِ ، افتَحْ مُفْرداتهمُ على حُروف هجاءٍ ، أيُّها الحَشِرُ
.. دعهم، يقولُونَ ما شَاؤُوا ، ومُضحكةٌ دعوىً غُرُورٌ ، و لا شمسٌ ولا قمرُ ..
إذَا الضّفادعُ نفّاخاتٍ ، امْتلأَتْ ، ما الرّأيُ في ظنِّ بظرٍ أنَّهُ كَمَرُ ؟!
إهدأْ ، كَسهلٍ تباسَطْ ، كُن سواكَ ، كَهُمْ ، لولا عليٌّ لأودى هالكاً عُمَرُ
حتَّى يُصدِّقَ عُبدانٌ بأنَّهُمُ مُلُوكُكَ ، اضحَكْ .. يُذَرِّي هاذِراً هَذَرُ !
إسخَر ، وصِفْ مَاءَهُمْ ، قُلْ : إنَّهُ عَسَلٌ ، لا بَاسِلٌ في هباءٍ ، مالحٌ مَذِرُ
حتَّى إذَا استيأسُوا مِن جنِّكَ انفلَتَتْ كالرَّوعِ ، لم يُجدِ أنْ لا تَصعَقَ ، الحَذَرُ
إنْ يُحبِطُوا زفرةً للمائِجِ اتّخَذَتْ شكلَ التّحدِّي ، وحالَ الحائطُ الوَغِرُ
.. فإنَّ للبحرِ مثلَ الموتِ كَم حِيَلٌ وكمْ أحابيلُ ، مَن ساخُوا وَمَن طُمِرُوا !
جاؤُوا برملٍ ، فهل قَلَّ ازرقَاقُ مدى هذا المدى ، واستجابَ الّلونُ والصُّورَ ؟!
لا ضاقَ ذَرْعُكَ ، يا موسُوعةً سِعةً شَسَاعةً ، لا دَراكَ الذّارعُ العَثِرُ !
أجبْ دُعاةَ النَّدَى ، أمَّا الّذين لهُمْ فَرشُ اليَباسِ ، فحسبُ المُترَبِ الحُصُرُ
وسمِّ قبلَ اهتياجِ المُهْرويَّةِ في صفاتِكَ ؛ انتُهِكَتْ ؛ إنْ يخشَع المُهُرُ
يا حُرُّ ، يا كاملَ الحُرّيّة ، انتقَصَتْ منها أصابعُ مملوكينَ ، وانكَسَرُوا !
يا عُروةً أيُّها الصّعلُوكُ ، يا حَجَلاً يمشي على الدّمِثِ ، اذكُرهُم ، فهُم بَشَرُ ...
التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
ابو زهراء
[ ام الحمام ]: 18 / 4 / 2009م - 8:30 م
شاعرنا المبدع

بارك الله فيك ..